على الرجوع إلى اللحاظ الأول ، أي إلى الجميع ، وبهذا نكون قد فسّرنا تمام مدّعيات القوم الذين توصلوا إلى نفس هذه النتائج.
ثم نستعرض هنا كلاما للمحقق العراقي (قده) له علاقة بمحل الكلام ، يمكن تقسيمه إلى ثلاث مراحل ، نتكلم عن كل مرحلة منها مع مناقشتها.
١ ـ المرحلة الأولى : هي انّ المحقق العراقي (قده) لم يفرّق بين الاستثناء بالحرف ، والاستثناء بالاسم ، لا إثباتا ولا ثبوتا ، ثم استعرض ما أشرنا إليه في الصورة الأولى ، من الفرق الثبوتي بين الاستثناء بالحرف وبين الاستثناء بالاسم (١) ، على أساس إنّه إن كان الاستثناء بالحرف ـ والحرف يكون الموضوع له والمستعمل فيه خاص ـ فلا بدّ أن يكون مستعملا في نسبة إخراجيّة معيّنة ، وحينئذ ، لا يمكن أن يراد منها الإخراج من الجميع ، وإن كان الاستثناء بالاسم ، ـ والموضوع له فيه عام ، والمستعمل فيه عام ـ فلا بأس أن يكون مستعملا في كلّي الإخراج ، ويراد منه حينئذ ، الإخراج من الجميع ، ثم إنه (قده) ، اعترض على هذه الصيغة المجملة باعتراضين.
الاعتراض الأول : هو انّه لو سلّم اختلاف الحرف عن الإسم من حيث الموضوع له والمستعمل فيه ، فهو لا يضر بالمقصود ، إذ مع هذا يمكن افتراض انّه قد أراد من الحرف حينئذ الإخراج من الجميع ، لأنّ الإخراج مفهوم كلي ، وله أفراد ، وهذا الإخراج من الجميع أحد أفراد هذا الكلي ، فلم يخرج بهذا عن كون الموضوع له خاصا.
وكذلك يقال في الإخراج من الجملة الأولى. لكن دون أن يختص بواحدة منها فقط فأداة الاستثناء مستعملة في الخاص والفرد ، وعليه : فلا فرق بين كون أداة الاستثناء الحرفية مستعملة في أيّ واحد من أفراد الإخراج لعدم منافاة هذا لجزئية المعنى الحرفي ، حيث انّ الاستثناء من الجميع فرد من أفراد كلّي الاستثناء فهو كالاستثناء من الجملة الأخيرة فقط.
__________________
(١) مقالات الأصول ـ العراقي ـ ج ١ ـ ص ١٥٩.