يكون الخطابان كما لو تقارنا زمانا ، فكما لا يستشكل في التخصيص في صورة تقارن العام والخاص ورودا ، فكذلك في محل الكلام ، لأنّ نفس النكتة المستدعية للتخصيص مع التقارن ـ وهي أنّ العمل بالعام يكون موجبا لإلغاء الخاص رأسا ، بخلاف العكس ـ تستدعيه مع تأخر العام صدورا ، إذن فنفس النكتة المستدعية للتخصيص في سائر الموارد تستدعيه هنا أيضا.
وهذا البيان صحيح ، ويعتمد عليه في بيان تقديم التخصيص ، لأنّه من الواضح انّ الخطابات الصادرة عنهم عليهمالسلام ، هي بحسب ظهورها العرفي ، ناظرة إلى إثبات متعلقاتها في زمن التشريع ولو باعتبار ارتكازيّة انّه لا تشريع بعد زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيكون هذا الارتكاز قرينة على الظهور في ذلك المعنى.
لكن هذا البيان لا يتم في بعض الحالات ، وذلك ، كما لو فرضنا انّ الخاص والعام معا كانا واردين في زمن صدور التشريع في عصر وجود النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو في القرآن الكريم ، بأن ورد الخاص في السنة الأولى من الهجرة ، ثم ورد العام في السنة الخامسة منها ، فهنا ليس في هذه الخطابات القرآنية قرينة لبيّة عامة تستدعي أن يكون نظرها جميعا إلى نقطة زمنيّة واحدة ، وليس في العام ظهور في انّه ناظر إلى السنة الأولى ، لوضوح أنّ الشريعة في دور النزول شيئا فشيئا كانت في دور التكامل شيئا فشيئا ، فهي لم تكتمل عناصرها إلّا بعد انتهاء الوحي ، وعليه ، ففي فترة نزول الوحي كل خطاب يصدر منه يكون ظاهرا في تعيين مفاده من حين صدوره ، وليس له ظهور في انّ مفاده ناظر إلى ما قبل ذلك إلّا بعناية ، إذن فهذا البيان لا يتم هنا ، وحينئذ لا يتعيّن التخصيص ، وتبقى المشكلة موجودة وبحاجة إلى جواب آخر.
الجواب الثاني : وهذا الجواب ، يرتبط بالمسلكين الأول والثالث القائلين بأنّ اصالة عدم النسخ ، واصالة عدم التخصيص ، مرجعهما إلى ظهورين لفظيين عرفيين ، وهما متعارضان ، وحينئذ يقال : بأنّه لو سلّمنا وتنزلنا عن الجواب الأول وافترضنا وقوع معارضة بين إطلاقي وظهوري الخاص والعام ـ ظهور الجديّة في الخاص ، وظهور العام في العموم ـ إلّا انّنا