الاستعمالي ، إن كانت مأخوذة فيه لمجرد كونها عملية اعتبارية من المستعمل للاستطراق بها إلى التمكن من الاستعمال في المجموع ، فهي من شئون الاستعمال ، وليس لها ما وراء ومحكي في الخارج ، وعليه ، فلا يقتضي البناء العقلائي حفظ هذه العناية في مرحلة المراد الجدي ، لأنه إنما يجب حفظ كل ما يقوله في مرحلة المدلول الاستعمالي ، في مرحلة المدلول الجدي إذا لم يكن من شئون الاستعمال.
وإن كانت مأخوذة فيه باعتبار أنّ لها واقعا موضوعيا وراء شئون الاستعمال ، فمثل هذا التركيب ينبغي حفظه في مرحلة المراد الجدي ، ومقتضى اصالة التطابق حفظه ، وذلك لأن هذا التركيب له ما وراء وهو ليس من شئون الاستعمال.
ومن هنا نفرق بين ، أكرم كل رجل ، وأكرم كل العسكر ، فإنّ الأول ، مقتضى الإطلاق فيه ، كون العموم استغراقيا ، لأن المجموعية بحاجة إلى عناية توحيد الكثير في مرحلة المراد الجدي ، ولا قرينة على ذلك ، بينما الثاني مقتضى الإطلاق فيه كون العموم مجموعيا ، ما لم يكن قرينة على الخلاف ، لأن نكتة توحيد الكثير ، لها واقع ومحكي وراء عالم الاستعمال فينبغي حفظه في مرحلة المراد الجدي.
وعلى ضوء ما ذكرنا آنفا ، نستطيع أن نفسّر وجه الفرق بين «كل» الداخلة على المفرد النكرة حيث تفيد العموم الإفرادي والاستغراق بلحاظ الأفراد ، و «كل» الداخلة على المفرد المعرّف باللام حيث تفيد العموم الاجزائي. فتارة تقول : اقرأ كل كتاب ، وأخرى تقول : اقرأ كل الكتاب ، فالقول الأول نفهم من «كل» الاستغراقية ، فيكون كل فرد موضوعا لحكم مستقل ، لأن وحدة هذه الكتب ليست إلّا حيثية اعتبارية محضة خلقها المستعمل في مرحلة الاستعمال ليصححه وليس لها ما بإزاء ، بينما كل في القول الثاني نفهم منها المجموعية ، أي حكما واحدا قائما بالمجموع ، ولذا لو ترك ورقة دون قراءة ، يكون قد عصى الأمر ، وهذا الفهم في المقامين