وروح هذا الجواب يرجع إلى إنكار التغيّر رأسا ، وأنّ كلمة البداء ، هي حكومة علم على علم آخر.
وهذا التفسير لا يبدو مقنعا في فهم المطلب ، وذلك ، لأنّ هذا القضاء الذي يتصور على نحو القضية الشرطية ، لا تنطبق عليه الخصائص المذكورة في روايات الباب ، حيث أنّه لا شأن له بتعظيم الله تعالى وعبادته.
وربّما يقولون : إنّ هذا الحل هو الذي يصحح فكرة الدعاء والذي يمثل أقوى علاقة بين الإنسان وربّه.
ولكن يجاب : بأنّ القضاء إذا كان حتميا ، فلا حاجة للدعاء ، إذن ، فلا بدّ من لوح قضاء وقضايا تعليقية لكي يرغب في الدعاء ، إذن فهذا الحل لا يصحح فكرة الدعاء ، والذي يمثل أقوى علاقة بين الإنسان وربّه باعتبار أنّ القضاء إذا انحصر في القضاء الحتمي لما كانت هناك حاجة للدعاء ، إذن فلا بدّ من لوح قضاء فيه قضايا تعليقية لكي يرغب في الدعاء وتكون له حاجة.
وهذا الحل غير تام ، لعدم تناسبه مع الخصائص المذكورة والمستفادة من الأخبار ، حيث أنّ القضاءات المشروطة لا شأن لها بتعظيم الله وعبادته.
وأمّا ما ذكر من أنّ هذا الحل هو المصحح لفكرة الدعاء ، فهو أيضا غير تام ، لأنّ المفروض أنّ الله تعالى قد اتّخذ قرارا حتميا بشأن هذه القضايا المشروطة ، فقضى أنّ فلانا يموت يوم السبت إذا لم يشأ سبحانه يوم الأحد ، والمفروض أنّ له إشاءة معيّنة ، وحينئذ ، إذا أريد إيجاد أجل بلحاظ كلا القضاءين ، فالإشكال يبقى على حاله.
ثم إنّه لا معنى لتسمية مثل ذلك بداء ، فلو فرض أنّ شخصا عاديا اتخذ قرارا بالسفر يوم السبت إذا لم تتعلّق مشيئته بالسفر يوم الأحد ، فإذا فرض أن تعلقت مشيئته بالسفر يوم الأحد ، فحينئذ ، لا يقال بدا له السفر يوم الأحد ، نعم يمكن تصحيح هذا الحل إذا طعّمناه بإحدى فكرتين إضافيتين بحيث يصبح له مدلولا قابلا لانطباق الخصائص المذكورة عليه وحينئذ قد لا يردّ الإشكال.