ذلك روايات كثيرة خلافا للفلاسفة القائلين بأنّها من صفات الذات ثم ينتهون بذلك إلى ما يشبه الجبر ، وحينئذ يكون البداء بالمعنى الذي ذكرناه جوابا عن شبهتين ، إحداهما لليهود ، والثانية لبعض الفلاسفة حيث استشكلا في ربط الحادث بالقديم ، فذهب اليهود إلى عدم تأثير القديم بالحادث ، ولهذا قالوا : (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) كما جاء في القرآن حكاية عنهم (١) ، وذهب بعض الفلاسفة كالنظام إلى أنّ كلّ الأشياء قديمة ولا حادث أصلا (٢).
وكلتا هاتين الشبهتين تندحض بتفسير البداء بالمعنى الذي ذكرناه ، لأنّ إرادة الله تعالى بعد أن كانت حادثة لا يبقى موضوع للشبهتين.
وبخلاصة ما أمكن قوله في مبحث البداء ، يتمّ الكلام في مباحث العام والخاص.
__________________
(١) المائدة آية ٦٤.
(٢) تلخيص المحصل ـ الطوسي ص ٢٠٨ ـ ٢٠٩ ـ ٢١٠ ـ ٢١١ ـ ١٣١. الشامل في أصول الدين ـ الجويني ص ٢٣٧ ـ ٢٤٢. اللمع أبو الحسن الأشعري ص ٢٤٥ ـ ٢٥١.