فإن كان هذا هو المراد ، ففيه : إنّ لحاظ الماهية كذلك ، إن أريد به اللحاظ التصديقي لهذه الصفة ، بمعنى التصديق ، بأنّ الصورة الذهنية تجيء إلى الذهن بلا صفة العلم ، وبلا صفة عدم العلم ، فهذا أمر غير معقول ، لأنّ النظر التصديقي لا يعقل أن يكون من أطوار اللحاظ التصوري للماهية ، بل يحتاج إلى إلفات النفس إلفاتا ثانيا إلى تلك الصورة حتى تصدق بحالاتها وشئونها ، فإنّ النفس إذا تصورت صورة «ما» ، فتكون تلك الصورة معلومة لديها بالعلم الحضوري ، فإذا أريد التصديق بتلك الصورة ، فلا بدّ من نظر ثاني إليها ، ليصدق أنّ تلك الصورة حضرت في النفس وحدها أو مع غيرها ، وهذا الالتفات الثاني في طول النظر التصوري ، ومعه ، يستحيل أن يكون من أطواره.
وإن أريد بلحاظ الماهية كذلك ، لحاظ مفهوم الصفة تصورا ، بمعنى أنّه كما نلحظ الإنسان العالم لحاظا تصوريا ، كذلك نلحظ الإنسان الذي لم يؤخذ معه العلم قيدا بالنظر التصوري.
فهذا أيضا غير معقول ، لأنّ دخل القيد وعدم دخله من شئون نفس اللحاظ وليسا من شئون ذات الملحوظ ، لأنّ دخل القيد معناه : أخذ القيد في عالم اللحاظ ، وعدم دخل القيد ، معناه : أخذ عدمه في عالم اللحاظ ، إذن ، دخل القيد وعدم دخله من شئون نفس اللحاظ لا ذات الملحوظ ، وعليه فلا يعقل أن يكون الدخل وعدمه قيدا لنفس الملحوظ.
نعم ، يعقل أن يكون قيدا في تعقل ثاني متأخر رتبة عنه.
والخلاصة : هي أنّ الذهن يتصور الماهية في التعقل الأول ضمن ثلاث صور ذهنية ، ينتزعها الذهن من الخارج مباشرة ، وهي صورة ، «البشرطشيء» ، وصورة «البشرطلا» ، وصورة «اللّابشرط القسمي».
وفي التعقل الثاني ، ينتزع الذهن أربع مفاهيم ، من كل صورة من هذه الصور مفهوما ، ومفهوما رابعا هو الجامع بينها ، يسمّى باللّابشرط المقسمي.