المتكلّم هو المطلق لا المقيّد ، وذلك لأنّ المتكلّم لو كان مرامه من قوله «أحلّ الله البيع» هو المقيّد ، فحينئذ ، لا يكون قد بيّن تمام مرامه ، لأنّ مرامه حينئذ هو البيع مع القيد ، مع أنّ كلامه لم يتضمن ما يشير إلى هذا القيد.
وهذا بخلاف ما لو كان مرامه هو المطلق ، فإنّه يكون قد بيّن أنّ تمام مرامه هو ذات الماهية من دون أن يكون لخصوصيات اللفظ أو ماضويته وغيرها مثلا دخل في مرامه ، وبهذا يتطابق المرام مع الكلام.
وهذا معناه : إنّ الظهور الحالي السياقي المذكور يدلّ بالالتزام على أنّ مرامه هو المطلق ، إذ لو كان مرامه هو المقيّد للزم خلف هذا الظهور المذكور ، وهذا روح مقدمات الحكمة.
وهنا يتبادر إلى الذهن اعتراض ، حاصله : هو أنّ الخلف لازم على كلا التقديرين ، سواء أكان مرام المتكلّم هو المطلق ، أو المقيّد ، إذ لو كان مرامه هو المقيّد ، فلزوم الخلف واضح ، وأمّا لو كان مرامه هو المطلق ، فكذلك يلزم الخلف ، وذلك : لأنّه لم يبيّن الإطلاق بالكلام ، بل بيّن بالكلام ذات الماهية ، وقد قلنا سابقا : إنّ اسم الجنس وضع للماهية المهملة الجامعة بين المطلق والمقيد ، إذن فلا الإطلاق مدلول لكلامه ، ولا التقييد أيضا ، في حين أنّه لا إشكال في أنّ مرامه هو أحد هذين الأمرين ، إذن ، فعلى كلا التقديرين يكون مرامه زائدا على مدلول كلامه ، ومن هنا قلنا : بأنّه يلزم الخلف على كلا التقديرين.
وجواب هذا الاعتراض يكون بأحد أجوبة ثلاثة مترتبة.
الجواب الأول : هو أن يقال : بأنّ الظهور الحالي السياقي لقوله ـ «أحلّ الله البيع» ـ الذي تمسكنا بدلالته الالتزامية ، مفاده ، أنّ ظاهر حال المتكلّم ، انّه في مقام بيان تمام مرامه وتمام ملحوظه ، فإن كان مرامه وملحوظه هو المقيّد ، إذن فينبغي أن يقع تحت لحاظه حينئذ شيئان ، هما : الماهية ، والقيد ، وإن كان مرامه المطلق ، فينبغي أن يقع تحت لحاظه ، ذات الماهية فقط ـ بناء على تفسير المطلق بأنّه عبارة عن «لحاظ الماهية ، وعدم لحاظ القيد» ـ حيث