الجنس معرفة ، وبهذا يصير اعتراف الجميع ضمنا ، المتقدمين والمتأخرين ، بأنّ أخذ الإطلاق في مدلول اسم الجنس لا يصيّره معرفة بعد رفع إبهامه.
والخلاصة : هي انّ أخذ الإطلاق في مدلول اسم الجنس لا يخرج النكرة عن نكارتها إلى المعرفة ، سواء في علم الجنس أو في اسم الجنس على تقدير صحة أخذه في هذا الأخير ، وقد تقدّم أنّه لا يصح ذلك.
٣ ـ الاحتمال الثالث : هو احتمال أن تكون أعلام الأجناس في بداية نشوئها في اللغة ، قد جعلت أعلاما لحيوانات شخصية معيّنة ، ثم لكونها ذات تقديس خاص في بلد أو عشيرة ، فكانت هذه الأسماء نسبتها إليها نسبة العلم الشخصي إليها ، ولكن بعد أن انتهت ظروف تقديس ذلك الفرد الخاص من هذه الحيوانات ، بقي هذا الاسم مشيرا إلى نوع ذلك الحيوان وماهيته ، مع احتفاظه بعلميّته ، فالعلمية التي كان قد اكتسبها من خلال جعله اسما شخصيا ما زالت باعتبار عدم زوال الخصائص اللغوية بسرعة.
وهذا أمر محتمل ، وإن كان يبعده أمران.
الأمر الأول : هو انّ أعلام الأجناس هذه لم تختص بخصوص الحيوانات التي كان لها هذه القدسية ، بل هناك حيوانات نكرة في نفسها ، ومع هذا فإنّ لها علم جنس في اللغة ، مع ما لها من الخسّة والنكارة.
الأمر الثاني : هو انّ هذه الأعلام ألفاظ عربية ، ولم يعهد مرور العرب بمثل هذا النوع من الانحراف الديني ـ «عبادة الحيوان» ـ كما في غيرهم من الأمم.
وبهذا تمّ بحث المطلق.