معناه الحقيقي بعد فرض العلم بأنّ المعنى الحقيقي غير مراد ، نعم ، أثره الوحيد هو إسقاط حجيّة ذلك الظهور بالمعارضة ، إذن ، أثره الوحيد هو المعارضة ، ومن الواضح ، أنّ المعارضة ليست أثرا عمليا عقلائيا ، بينما ظهور حال المتكلّم في كونه جادا في كلامه ، لا أثر عملي ، باعتبار أنّه يدلّ بالدلالة الالتزامية على الحكم بالاستحباب.
إذن فالظهوران بعد استقرارهما لا يتعارضان حجيّة ، ولكن كلّما تعارض اصلان كان أحدهما ذا أثر عملي ، والآخر لا أثر عملي له ، قدّم ما كان ذا أثر عملي على ما ليس له أثر ، إذن فهنا تجري اصالة الجهة والجدّ بلا معارض لكونها ذات أثر عملي ، باعتبار دلالتها الالتزامية على الاستحباب.
وأمّا إذا كان علمنا بعدم إرادة الوجوب جدّا بواسطة دليل متّصل ، كما هو الحال في بعض الموارد التي يكون المرتكز في أذهان الطائفة ، انّ هذا الحكم غير ثابت ، كما لو قال المعصوم : «إذا توضأت فاغسل رجليك» ، فإنّه من الواضح عدم وجوب ذلك ، وما دلّ على عدم جدّية الوجوب هو ، الارتكاز المتشرعي المعاصر للمعصوم ، وهذا الارتكاز هو القرينة المتّصلة على عدم إرادة الوجوب جدّا من الكلام ، وفي مثله يحصل تعارض بين الظهورين ذاتا وفي اصل تكونهما لكونهما متعارضين تعارضا متّصلا ومعه لا ينعقد اصل الظهور.
ولا ينفع هنا ما ذكرنا آنفا من القول : بأنّ أحد الظهورين له أثر عملي فيقدّم على الآخر ، حيث لا أثر عملي له فيسقط فاقد الأثر بالمعارضة حينئذ ، لأنّ هذا الكلام إنّما يفيد في مرحلة جعل الحجيّة ، وهي تأتي بعد مرحلة انعقاد الظهورين ، وهنا لا استقرار لهما كما عرفت.
ومن هنا تنفتح أبواب كثيرة ، وهي انّه في جميع الموارد التي تأتي أدلّة من قبل المعصومين ، ويكون مفادها غير ثابت عند المتشرعة المعاصرين لهم عليهمالسلام بحسب مرتكزاتهم ، نحملها على التقيّة لا الاستحباب ، بخلاف الموارد التي ليس فيها مثل تلك المرتكزات على خلافها ، فإنّه حينئذ ، لا بأس بإجراء اصالة الجهة وتعين الاستحباب. وهذا خط سيّال في الفقه.