وحينئذ نقول : بأنه في مقام الإثبات ذكر أمران : الأول : هو أنّ «النحويين لا يجب إكرامهم» ، والثاني : هو أن «العلماء يجب إكرامهم».
وأحد هذين الأمرين ثبت أنّه غير مراد جدا ، فنرفع اليد عن الدلالة الثالثة بمقدار المخصص ، أي انّنا نرفع اليد بواسطة المخصص عن حجية اصالة التطابق بهذا المقدار ، وأمّا الأمر الثاني وهو : «العلماء» المذكور إثباتا أيضا ، فلم يثبت أنّه لم يرد جدا ، إذن لا موجب لرفع اليد عنه ، أي لا موجب لرفع اليد عن ظهور الدلالة التصديقية في غير ما أخرج بالتخصيص ، وهذا هو معنى كون العام حجة في الباقي.
وتحقيق الحال في هذا البيان هو : انّنا نريد أن نعرف انّ هذا البيان ، هل يعالج كلتا الصيغتين للمشكلة؟.
فنقول : إنّنا ننتزع مما ذكره المحقق الخراساني (قده) صيغة تصلح تخريجا فنيا في مقام علاج ذلك ، وذلك هو أنّ المخصص في المقام لو كان يزاحم ويكذب الدلالة الثانية من الدلالات الثلاث ، وهي الدلالة التصديقية في مرحلة المراد الاستعمالي ، إذن يكون ما تقولونه صحيح ، لأن الظهور هنا واحد ، وهو اصالة الحقيقة ، وهو الاستغراق بالأحرى ، لأن الحقيقة لا تتعدد ، فإذا خرج واحد منها خرجت عن كونها حقيقة وبالتالي خرج هذا الخارج عن كونه مستغرقا وخرجت الحقيقة عن كونها مستغرقة ، وحينئذ ، لم يبق عندنا ما يدل على أنّ اللفظ أريد به تمام الباقي ، حتى يقال : إنّ العقلاء يبنون على الحجية لاصالة الظهور ، لأنّ حجية الظهور قد سقطت في المقام بسقوط اصالة الحقيقة لعدم استعمال اللفظ في الاستغراق وحينئذ فلا ظهور.
ولكن نحن نقول : إنّ المعارضة تنصب على الدلالة الثالثة دون الثانية ، والظهور فيها متعدد ومنحل إلى ظهورات متعددة بعدد التطابقات بين مقامي الثبوت والإثبات لأنّ الدلالة الثالثة تفيد بأنّ كل ما هو مذكور في مقام الإثبات مراد في مقام الثبوت ، فتعدد ما هو مذكور ، يوجد ظهورات متعددة بعدده.
وحينئذ يتضح فذلكة الجواب وسرّ بناء العقلاء ، فإنهم حينما رأوا