أمّا بناء على مستوى الصيغة الأولى ، وهي ما لو فرض أنّا شاكّون في أصل حجيّة العام في الباقي ، فقد ذكرنا سابقا أنّ بيان المحقق الخراساني (قده) ينفع في إقناع الإنسان نفسه ، أو خصمه ، بأنّ العام حجة في الباقي لكون بيانه ينقح صغرى لكبرى حجية الظهور ، باعتبار أن للكلام ظهورات متعددة بعدد التطابقات بين مقامي الثبوت والإثبات ، وقد سقط بعضها. فيبقى البعض الآخر ، وبهذا يتنقح صغريات لتلك الكبرى ، فينتج حجية العام في الباقي.
وإن شئت قلت : إنّ جواب المحقق الخراساني (قده) يرفع شكّنا عن أصل حجية العام في الباقي لأنه يبين لنا أن بناء العقلاء ، على حجية العام في الباقي بعد التخصيص إنما هو باعتبار أن الظهور فيه لم يبطل ولم يوجد ما يوجب رفع اليد عنه ، إذن فيبقى العام حجة فيه.
وهذا هو معنى كون العام حجة في الباقي بعد التخصيص.
ولكنّ هذا البيان ليس صحيحا.
وفيه أنّه بعد تسليم هذا المبنى ، وهو كون الظهورات متعددة ، وأنّ سقوط بعضها عن الحجية لا يستلزم سقوط البعض الآخر ، إلّا انّنا نقول :
إنّ البناء على حجيّة ظهور العام في الباقي ، بدعوى أنّ العام له ظهوران ، ظهور في الباقي ، وظهور في الخارج ، وانّ الثاني يسقط عن الحجيّة ، والأول لم يعلم بطلانه.
هذه الدعوى لا يمكن أن ندّعيها بلا رجوع إلى السيرة العقلائية والتأكد من انّ بنائهم منعقد على العمل في الباقي.
ومع الرجوع إليها ، يكون ما ذكره الخراساني (قده) بلا موجب ومستأنفا ، لأنّ ما ذكر في البيان المذكور ، وإن كان منبها إلى وجود بعض الظهورات التي لم تسقط فيكون بذلك منقحا لصغرى كبرى حجية الظهور ، ولكن تمامية هذا الظهور فرع كون المتكلم قد استعمل لفظ العام في تمام العام.