الْخائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨) فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً (٥٢) كَلاَّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣) كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦))
قوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) : جنوده وعظمته وكبرياؤه وسلطنته وقهره الذي صدرت منه جنود السماوات والأرض ، وله جنود قلوب العارفين ، وأرواح الموحدين ، وأنفاس المحبين التي يستهلك بها كل جبّار عنيد ، وكل قهّار عتيد.
قيل : قال الله لمحمد صلىاللهعليهوسلم : إنكم لا تقفون على المخلوقات ، فكيف تقفون على الأسامي والصفات؟!
قوله تعالى : (كَلَّا وَالْقَمَرِ (٣٢) وَاللَّيْلِ) : أقسم الله بأقمار أرواح الصدّيقين حين تصير بدورا في رؤية شمس جلاله وجماله ، وأقسم بذهاب ليالي هجران أهل الشوق حين أقبلت إلى قلوبهم أنوار قربه ومشاهدته ، وأقسم بطلوع صبح أنوار صفاته وذاته عن مطالع أسرار الواصلين ، ويزيل بنوره ظلمات الطبائع والهياكل ، وصارت عرصات قلوبهم صافية عن كدورات الكون ، ولا يرى عيون أسرارهم فيها إلا فردانية الله التي تقدّست من كل علّة من علل الحدثانية.
قال القاسم : كلّا وربّ القمر جذب عباده إليه بالإشارة.
(وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ) (٣٣) : ظلم السرائر إذا انكشف ، وضياء الأنوار إذا ظهر على القلوب.
وقال الأستاذ : (وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ) (٣٤) : ضياء أنوار الحقائق إذا تجلّت في السرائر.
قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (٣٨) : أنفس المحبين رهينة بالمحبة ، وأنفس المشتاقين رهينة بالشوق ، وأنفس العاشقين رهينة بالعشق ، وأنفس العارفين رهينة بالمعرفة ، وأنفس الغافلين رهينة بالغفلة ، ولكل نفس عنه حجاب ، فمن شاء أن يخرج عن الحجب فليخرج من الأنفس ، وليقبل على مشاهدة ربّ الأنفس ، فإن الكل مرتهن مما عنده إلا من تجرّد مما دون الله بالله ، وهم أصحاب يمين مشاهدة الحق ، قال الله : (إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) (٣٩) : فإنهم في جنات قربه ووصاله.
قال القاسم : رهينة بما باشرت من الأعمال.