قد ذكرنا أنّ المعروف من مذهب أهل السنّة هو موافقة الشيعة الاثني عشرية في القول بصيانة القرآن الكريم من التحريف ، فيكون هذا القول هو المتّفق عليه بين المسلمين.
بل نقل ابن حجر العسقلاني ـ وهو من كبار حفّاظ أهل السنّة ومن أشهر علمائهم المحقّقين في مختلف العلوم ـ أنّ الشريف المرتضى الموسوي ـ وهو أحد أعاظم علماء الشيعة وأئمّتهم في مختلف العلوم كذلك ـ كان يكفّر من يقول بنقصان القرآن.
وإذا كان المعروف من مذهب أهل السنّة ذلك ، فمن اللازم أن يكونوا قد تأوّلوا أو أعرضوا عمّا جاء في كتبهم من الأحاديث الصريحة بوقوع التحريف وغيره من وجوه الاختلاف في القرآن الكريم ، عن جماعة كبيرة من أعيان الصحابة وكبار التابعين ومشاهير العلماء والمحدّثين.
والواقع أنّ تلك الأحاديث موجودة في أهمّ أسفار القوم ، وإن شقّ الاعتراف بذلك على بعض كتّابهم ، وهي كثيرة ـ كما اعترف الآلوسي (١) ـ وليست بقليلة كما وصفها الرافعي (٢).
هذا مضافا إلى ما دلّ على وقوع الخطأ واللحن في القرآن ، والزيادة فيه ، وتبديل لفظ منه بلفظ آخر.
__________________
(١) روح المعاني ١ : ٢٥.
(٢) إعجاز القرآن : ٤٤.