لقائل أن يقول : لقد أوضحت ما كان غامضا من أمر التحريف والقائلين به .. ولكنّ بحثك يشتمل على التجهيل والتفسيق لبعض الصحابة ، والطعن في الصحيحين ، وهذا خلاف مذهب جمهور أبناء السنّة في المسألتين!!
وأقول : نعم .. إنّ المشهور بين أهل السنّة هو القول بصحّة أخبار كتب اشتهرت بالصحاح .. فقالوا بصحّة كتب : البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وابن ماجة وأبي داود .. وهذه هي الكتب المعروفة عندهم بالصحاح .. ومنهم من زاد عليها الموطّأ ، أو نقص منها سنن ابن ماجة .. لكن لا كلام بينهم في كتابي البخاري ومسلم ، بل ادّعي الإجماع على صحّة ما في هذين الكتابين وأنّهما أصحّ الكتب بعد القرآن المبين ـ وإن اختلفوا في ترجيح أحدهما على الآخر ـ بل ادّعى جماعة منهم القطع بأحاديثهما ، وعلى هذا الأساس قالوا بأنّ من روى له الشيخان فقد جاز القنطرة (١).
قال ابن حجر المكّي : «روى الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما اللذين هما أصحّ الكتب بعد القرآن بإجماع من يعتدّ به» (٢).
وقال أبو الصلاح : «أوّل من صنّف في الصحيح : البخاري أبو عبد الله محمد ابن إسماعيل ، وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري ، ومسلم مع أنّه أخذ عن البخاري واستفاد منه فإنّه يشارك البخاري في كثير من شيوخه ، وكتاباهما
__________________
(١) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجّاج ـ مقدّمة الكتاب.
(٢) الصواعق المحرقة : ٥.