الرسم والكلمات ، ولا يصحّ والحال كما قدّمنا أن يؤخذ رسمه هذا انموذجا تسير عليه الامم التي ابتعدت عن الاميّة بمراحل ، وأن نوجب عليها أخذه على علّاته وفهمه على ما فيه من تناقض ظاهر وتنافر بيّن ، وذلك بدرجة أنّ العلماء الّذين تخصّصوا في رسم المصحف لم يستطيعوا أن يعلّلوا هذا التباين إلّا بالتجائهم إلى تعليلات شاذّة عقيمة» (١).
هذا ... ومن المناسب أن ننقل في المقام ما ذكره الحجّة شرف الدين بهذا الصدد ، فقد قال ما نصّه :
«وما أدري ـ والله ـ ما يقولون فيما نقله عنهم في هذا الباب غير واحد من سلفهم الأعلام كالإمام أبي محمد بن حزم ، إذ نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري في ص ٢٠٧ من الجزء الرابع من (الفصل) أنّه كان يقول :
إنّ القرآن المعجز إنّما هو الّذي لم يفارق الله عزوجل قطّ ، ولم يزل غير مخلوق ولا سمعناه قطّ ولا سمعه جبرائيل ولا محمد عليهماالسلام قطّ ، وإلى آخر ما نقله عن الإمام الأشعري وأصحابه ـ وهم جميع أهل السنّة ـ حتى قال في ص ٢١١ ما هذا لفظه :
«وقالوا كلّهم : إنّ القرآن لم ينزل به قطّ جبرائيل على قلب محمد عليه الصلاة والسلام ، وإنّما نزل عليه شيء آخر هو العبارة عن كلام الله ، وإنّ القرآن ليس عندنا البتّة إلّا على هذا المجاز ، وإنّ الذي نرى في المصاحف ونسمع من القرآن ونقرأ في الصلاة ونحفظ في الصدور ليس هو القرآن البتّة ، ولا شيء منه كلام الله البتة بل شيء آخر ، وإنّ كلام الله تعالى لا يفارق ذات الله عزوجل».
ثمّ استرسل في كلامه عن الأشاعرة حتى قال في ص ٢١٠ : «ولقد أخبرني
__________________
(١) الفرقان : ٥٨.