يغيضها الواردون ، ومنازل لا يضل نهجها القاصدون ، جعله الله ريا لعطش العلماء ، وربيعا لقلوب الفقهاء ، ومحاجّ لطرق الصلحاء ، ودواء ليس بعده داء ، ونورا ليس معه ظلمة ، وحبلا وثيقا عروته ، ومعقلا منيعا ذروته ، وعزا لمن تولّاه ، وسلما لمن دخله ، وهدى لمن ائتمّ به ، وعذرا لمن انتحله ، وبرهانا لمن تكلم به ، وشاهدا لمن خاصم به ، وفلجا لمن حاجّ به ، وحاملا لمن حمله ، ومطيّة لمن أعمله ، وآية لمن توسّم ، وجنّة لمن استلأم ، وعلما لمن وعى ، وحديثا لمن روى ، وحكما لمن قضى» (١).
وقال عليهالسلام : «فالقرآن آمر زاجر ، وصامت ناطق ، حجّة الله على خلقه ، أخذ عليهم ميثاقه ، وارتهن عليه أنفسهم ، أتم نوره ، وأكمل به دينه ، وقبض نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد فرغ إلى الخلق من أحكام الهدى به ، فعظّموا منه سبحانه ما عظّم من نفسه ، فإنه لم يخف عنكم شيئا من دينه ، ولم يترك شيئا رضيه أو كرهه إلّا وجعل له علما باديا ، وآية محكمة ، تزجر عنه أو تدعو إليه ...» (٢).
فهذه الكلمات البليغة وأمثالها تنصّ على أنّ الله تعالى جعل القرآن الكريم نورا يستضاء به ، ومنهاجا يعمل على وفقه ، وحكما بين العباد ، ومرجعا في المشكلات ، ودليلا عند الحيرة ، ومتبعا عند الفتنة.
وكل ذلك يقتضي أن يكون ما بأيدينا من القرآن هو نفس القرآن الذي نزل على الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعرفه أمير المؤمنين وسائر الأئمّة والصحابة والمسلمون أجمعون.
__________________
(١) نهج البلاغة ٣١٥ / ١٩٨.
(٢) نفس المصدر ٢٦٥ / ١٨٣.