الثاني : إنه لما كان النهي عن الشيء إنما هو لاجل أن يصير داعيا للمكلف نحو تركه ، لو لم يكن له داع آخر ـ ولا يكاد يكون ذلك إلا فيما يمكن عادة ابتلاؤه به ، وأما ما لا ابتلاء به بحسبها ، فليس للنهي عنه موقع أصلا ، ضرورة أنه بلا فائدة ولا طائل ، بل يكون من قبيل طلب الحاصل (١) ـ كان الابتلاء بجميع الاطراف مما لا بد منه في تأثير العلم ، فإنه
______________________________________________________
الثاني : ما عن شيخنا الاستاذ (قدسسره) من ان المعذورية في ارتكاب احدهما ورفع عقاب الواقع عند المصادفة ينافي بقاء عقاب الواقع على حاله حتى تحرم المخالفة القطعية ، لانه بمجرد الاضطرار يرتفع التكليف ، لبداهة انه بمجرد الاضطرار ياذن له في الارتكاب سواء ارتكب ام لم يرتكب ، فان الاضطرار الى ارتكاب احدهما غير المعين بمجرد عروضه بما هو مشفوع بالجهل بما هو الحرام واقعا يجوز له الشارع او العقل الارتكاب قبل ان يرتكب ، فلا وجه للقول بالتوسط في التنجز في المقام كما عن بعض الاجلة الاكابر ، فراجع ..
(١) هذا التنبيه الثاني لتحقيق حال الخروج عن محل الابتلاء بالنسبة الى التكليف ، وتوضيحه يحتاج الى بيان امور :
الاول : ان صريح الشيخ في رسائله (طاب ثراه) هو ان الخروج عن محل الابتلاء ليس هو الخروج الموجب لعدم القدرة عليه عقلا بحيث يكون الابتلاء به ممتنعا عقلا ، كما لو كان قد خرج الى محل يحول بينه وبين المكلف ، مثلا بحر لا يستطيع المكلف عبوره ولا واسطة عنده ، وليس المراد منه ايضا الخروج الموجب لكونه ممتنعا عادة بحيث لا يمكن الوصول اليه عادة ، فان الخروج بهذين المعنيين مما يدخل في عدم القدرة العقلية والعادية ، بل المراد منه هو ما امكن الابتلاء به ، إلّا ان الابتلاء به كان خلاف العادة ، كما لو خرج احد الإناءين الواقع طرفا للعلم الاجمالي الى بلد يبعد عادة ابتلاء المكلف به ، واذا كان المراد منه هذا المعنى لا ما يرجع الى الامتناع العقلي