فيما لم يعلم ، لا بترك العمل فيما علم وجوبه ولو إجمالا ، فلا مجال للتوفيق بحمل هذه الاخبار على ما إذا علم إجمالا (١) ،
______________________________________________________
(١) الادلة التي يشير اليها في دلالتها على وجوب الفحص من الآيات والاخبار نحوان ، الاول : ما دل على وجوب اصل التعلم والتفقه كآية النفر الآمرة بوجوب النفر لاجل التفقه (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(١) فانها تأمر بالنفر للتفقه في الدين لان ينذروا بما تفقهوا به قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون. والامر بالنفر يدل على وجوب النفر حيث كان طريقا للانذار الموجب للحذر ، ولا حذر الا على الواجب والحرام ، فالنفر لاجل التفقه في الوجوب والحرمة واجب ، لان الانذار للقوم ينحصر به ، وحيث لا فرق بين التفقه في الوجوب والحرمة وساير الاحكام فالتفقه لاجل الدين الذي يعم الاحكام جميعا واجب لعدم الفصل. وكآية السؤال الآمرة بوجوب السؤال وهي قوله (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٢) فانها تدل على وجوب السؤال عند عدم العلم لاجل ان تعلموا ، ومن الواضح ان الامر بالسؤال انما هو لمن يحتمل التكليف ، اما من يعلم التكليف ومن يعلم بعدم التكليف فلا وجه لان يؤمر بالسؤال ولو كان حكم المحتمل البراءة قبل الفحص لما امر بالسؤال.
إلّا انه يمكن ان يقال : ان ظاهر آية النفر والسؤال بدء الشرع ، ولازمه العلم الاجمالي بالتكاليف لا بعناوينها الخاصة ، فموردهما مورد العلم الاجمالي قبل الانحلال ، وهو مما لا اشكال في وجوب الفحص وعدم جريان البراءة فيه قبل
__________________
(١) التوبة : الآية ١٢٢.
(٢) النحل : الآية ٤٣.