فلا تجري ـ مثلا ـ أصالة الاباحة في حيوان شك في حليته مع الشك في قبوله التذكية ، فإنه إذا ذبح مع سائر الشرائط المعتبرة في التذكية ، فأصالة عدم التذكية تدرجها فيما لم يذك وهو حرام إجماعا ، كما إذا مات حتف أنفه ، فلا حاجة إلى إثبات أن الميتة تعمّ غير المذكى شرعا ، ضرورة كفاية كونه مثله حكما ، وذلك بأن التذكية إنما هي عبارة عن فري الاوداج الاربعة مع سائر شرائطها ، عن خصوصية في الحيوان التي بها
______________________________________________________
فاذا عرفت هذا ... نقول : اذا شك في حرمة شيء وحليته لا مجال لجريان اصالة البراءة في الحرمة لا شرعا ولا عقلا فيما اذا كان هناك اصل موضوعي كالاستصحاب يعيّن ما هو الموضوع للحرمة او الحليّة.
اما شرعا فلوضوح كون رفع الحرمة المشكوكة بحديث الرفع انما يصح حيث لا يكون هناك ما يثبتها ، ومع جريان الاصل المثبت لما هو الموضوع للحرمة تكون الحرمة ثابتة لثبوت موضوعها ، ومع ثبوتها لا وجه لجريان اصل البراءة لرفعها.
واما عقلا فلان موضوع البراءة العقلية اللابيان ، والاصل المثبت للموضوع بيان تام فيرتفع موضوع البراءة العقلية ، فاتضح انه بجريان الاصل المثبت لموضوع الحرمة لا مجال لرفعها بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، لوضوح استحقاق العقاب عليها بعد ثبوتها بالاصل المثبت لموضوعها ، ولا البراءة الشرعية بعد ثبوت موضوع الحرمة بالاصل.
ومنه يتضح ايضا عدم جريان البراءة عقلا وشرعا مع جريان الاصل المثبت لحكم يوافقها ، كما لو كان المشكوك المتقدّم مسبوقا بالخليّة فانه مع استصحاب الخليّة تثبت الاباحة ، ولا مجال للشك فيها حتى نحتاج الى اثباتها بقاعدة الحل شرعا او البراءة عن الحرمة عقلا ، والى ما ذكرنا اشار بقوله : ((انه انما تجري اصالة البراءة شرعا وعقلا فيما لم يكن هناك اصل موضوعي ... الى آخر الجملة)) وبقوله : ((لوروده عليها)) يظهر منه ان مختاره الورود.