وأما البراءة النقلية : فقضية إطلاق أدلتها وإن كان هو عدم اعتبار الفحص في جريانها ، كما هو حالها في الشبهات الموضوعية ، إلا أنه استدل على اعتباره بالاجماع وبالعقل ، فإنه لا مجال لها بدونه ، حيث
______________________________________________________
بالفحص واليأس ، ولذا قال (قدسسره) : ((من عدم استقلال العقل بها)) أي بالبراءة العقلية ((الا بعدهما)) أي بعد الفحص واليأس عن الظفر بالحجة ، لما عرفت من ان اللازم على المولى بيان ما لو تفحص المكلف عنه لوصل اليه ، وليس اللازم على المولى ايصال الحجة الى المكلف وان لم يفحص عنها ولم يتطلبها من مظانها.
ولا اشكال في كون مورد البراءة العقلية الشبهة الحكمية .. وهل تشمل الشبهة الموضوعية ام لا؟
ومجمل القول فيها : ان المراد من اللابيان ان كان هو عدم بيان الحكم فلا تشمل الشبهة الموضوعية ، لفرض صدور البيان للحكم على فرضه وانما الاشتباه ينشأ من الامور الخارجية. وان كان المراد من اللابيان عدم وصول الحجة فعدم وصول الحجة كما يكون بعدم بيان الحكم كذلك يكون بعدم وصول موضوع الحكم.
وهل يحكم العقل في الشبهة الموضوعية بوجوب الفحص فيها كما هو الحال في الشبهة الحكمية لو لا قيام الدليل الشرعي على لزوم الفحص فيها ، ام لا يحكم فيها بوجوب الفحص وانما يجب الفحص في خصوص الشبهة الحكمية؟
ويمكن ان يقال : انه حيث كانت الاحكام معلقة على موضوعاتها فلا وصول لها الا بعد وصول موضوعاتها ، ولا ملزم من العقل بلزوم ايصال الحكم بالبحث عن موضوعه إلّا ان يعلم اهميته عند الشارع بحيث يلزم البحث عن موضوعه اذا احتمل تحققه ، كما فيمن شك في الاستطاعة وكان يمكنه بحيث لو فحص لعرف انه مستطيع او غير مستطيع فلا اشكال حينئذ في وجوب الفحص. والله العالم.