.................................................................................................
______________________________________________________
الحكم الذي يرفع بلا ضرر هو غير الضرر نفسه ، فانه لو كان رافعا حتى للحكم الذي موضوعه نفس الضرر للزم ان يكون الضرر بنفسه دخيلا في ثبوت الحكم ورافعا للحكم وهو محال ، لوضوح عدم امكان كون ما يثبت الشيء رافعا لذلك الشيء ، فالضرر لما كان موضوعا للضمان ودخيلا في ثبوته فلا يكون مرفوعا بقاعدة لا ضرر ، لانها انما ترفع الحكم الذي يكون موضوعه غير الضرر بنفسه ، فلا تعارض بين قاعدة لا ضرر وبين الدليل الدال على ثبوت الحكم لنفس عنوان الضرر.
واما نسبة القاعدة مع الصورة الثانية ، وهي ما كان موضوع الحكم ذاتية الضرر كالجهاد والزكاة ، فانه ايضا لما ذكرنا لا تعارض بينه وبين قاعدة الضرر ، لان الموضوع للحكم اذا كان ضرريا بذاته فمعناه ان الموضوع بما هو ضرري له دخالة في ثبوت الحكم ، وقد عرفت انه لا يعقل ان يكون الضرر بما انه له دخالة في تحقق الحكم رافعا لنفس ذلك الحكم ، فلا بد وان يكون موضوع الحكم المرفوع بلا ضرر هو ما كان الضرر عارضا غير لازم لذاته ، لا ما كان لازما ذاتيا له ، فلا تعارض بينهما ايضا.
واما نسبة القاعدة مع الصورة الثالثة ، وهي ما كان موضوع الحكم مما قد يعرضه الضرر ، وليس لازما ذاتيا له كسائر موضوعات الاحكام الاوليّة كالبيع والوضوء ، فانها قد يعرضها الضرر كالبيع الغبني وقد لا يعرضه كالبيع الذي لا غبن فيه ، ومثله الوضوء فانه قد يكون ضرريا وقد لا يكون. فان هذه الصورة هي الصورة هي التي يكون الحكم فيها منتفيا بقاعدة لا ضرر. وسيأتي التعرّض لبيان وجه النسبة بين القاعدة وبينها وان نفي القاعدة للحكم فيها من باب تقديم القاعدة عليها للتوفيق العرفي او للحكومة. وقد اشار المصنف الى هذه الصورة الاخيرة ، وان الحكم فيها هو المنفي بلا ضرر دون غيرها بقوله : ((ثم الحكم الذي اريد نفيه بنفي الضرر)) من باب رفع الشيء بلسان رفع موضوعه ((هو الحكم الثابت للافعال بعناوينها)) التي يكون الضرر عارضا غير لازم لذاتها.