ثم إنه لا يخفى اختلاف آراء الاصحاب في حجية الاستصحاب مطلقا ، وعدم حجيته كذلك ، والتفصيل بين الموضوعات والاحكام ، أو بين ما كان الشك في الرافع وما كان في المقتضي ، إلى غير ذلك من التفاصيل الكثيرة ، على أقوال شتى لا يهمنا نقلها ونقل ما ذكر من الاستدلال عليها ، وإنما المهم الاستدلال على ما هو المختار منها ، وهو الحجية مطلقا ، على نحو يظهر بطلان سائرها (١) ، فقد استدل عليه بوجوه :
______________________________________________________
يطلع عليه العقل ، واذا جوّزنا هذا الاحتمال فلازمه عدم الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع في مقام الانطباق على الموضوعات ، لانه كما يجوز ان يكون هناك ملاك للمصلحة مثلا لم يطلع عليه العقل ، يجوز ايضا ان يكون هناك ملاك للمفسدة لم يطلع عليه العقل ، وتنحصر الملازمة بينهما في محض قضية كون الحسن مما ينبغي فعله والقبيح مما ينبغي تركه ... ويحتمل ان يكون اشارة الى انه لا فرق بين انتفاء المقوّم وغير المقوّم ، لانه اذا جوّزنا ان يكون هناك ملاك آخر لم يطلع عليه العقل فمن الجائز ايضا ان لا يكون لانتفاء المقوّم دخل في انتفائه ايضا ، وانما غاية الامر انه مع انتفاء المقوّم ينتفي الملاك الذي ادركه العقل لفرض انتفاء ما هو المقوّم له. واما الملاك الآخر الذي لم يطلع عليه فربما لا يكون منتفيا ، فللشارع المطلع على الواقعيات الحكم بالبقاء ولو مع انتفاء ما هو المقوّم للملاك الذي ادركه العقل لبقاء الملاك الآخر الذي لم يطلع عليه العقل. والله العالم.
(١) قوله (قدسسره) : ((المختار منها وهو الحجية مطلقا ... الخ)) ومنه يتضح بطلان القول بعدم الحجية مطلقا ، وبطلان التفصيل ايضا في حجية الاستصحاب من القول به في مقام دون مقام. وقد عرفت فيما مرّ ان التفاصيل التي ذكرها الشيخ الاعظم اولا تسعة ، مضافا الى القول بالحجية مطلقا ، والى القول بعدم الحجية مطلقا ، فتكون الاقوال التي ذكرها احد عشر قولا ، ثم اشار في آخر كلامه انه هناك تفاصيل أخر.