ولكن الترجيح إنما يكون لشدة الطلب في أحدهما ، وزيادته على الطلب في الآخر بما لا يجوز الاخلال بها في صورة المزاحمة ، ووجب الترجيح بها ، وكذا وجب ترجيح احتمال ذي المزية في صورة الدوران (١).
______________________________________________________
بين التخيير والتعيين في غير المقام)) وهو تزاحم الواجبين ، فانه يتقدم في ذلك المقام محتمل الاهمية ويرى العقل تعيينه ولا يحكم بالتخيير بينهما ، وحيث كان الملاك موجودا في المقام فلذا كان مقام دوران الامر بين الوجوب والحرمة كمقام دوران الامر بين الواجبين المتزاحمين ، فان العقل انما يحكم بالتخيير فيهما فيما اذا تساويا ، واما اذا احتمل اهمية احدهما يكون المحتمل الاهمية هو المتعين.
(١) قد نبه في عبارته على امرين :
الاول : ان الترجيح الموجب للتعيين هو قوة المحتمل لا قوة الاحتمال ، فلو كان احدهما اقوى ظنا ولكن كان الآخر المرجوح اهم واقوى مصلحة ، فان التقديم يكون لما هو اقوى محتملا وان كان اضعف ظنا ، والى هذا اشار بقوله : ((ولكن الترجيح انما يكون لشدة الطلب)) فان شدة الطلب انما تكون لقوة المصلحة.
الثاني : ان شدة الطلب وتأكده كما يكون لقوة المصلحة ، كذلك يكون لوجود مصلحة اخرى تقتضي الطلب لو انفردت بنفسها ، فانها اذا اجتمعت مع مصلحة الوجوب الاول توجب شدة الطلب وتأكده ، والى هذا اشار بقوله : ((وزيادته)) أي وزيادة الطلب في احدهما المعين ((على الطلب في الآخر)) فاذا كان الحال في الواجبين المتزاحمين كذلك ، بان كان احدهما اقوى مصلحة او انطبق عليه مصلحة اخرى ، فانه يتقدم على الواجب الآخر الذي تكون المصلحة فيه اضعف ، او كانت متساوية ولكن انطبق على احدهما المعين مصلحة اخرى لزم مراعاة ذلك في صورة تزاحم الواجبين ، ولذا قال (قدسسره) : ((بما لا يجوز الاخلال بها)) أي اذا كان احدهما اشد طلبا لقوة مصلحته او انطبق عليه مصلحة زائدة لا يجوز الاخلال بهذه المزية ((في صورة المزاحمة ووجب الترجيح بها)) أي وجب الترجيح لذي المزية ،