سورة الممتحنة
قوله جل ذكره : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(بِسْمِ اللهِ) اسم ملك لا أصل لملكه عند حدث ولا نسل له ، فعنه يرث. ملك لا يستظهر بجيش وعدد ، ولا يتعزّز بقوم وعدد. ملك للخلق (١) بأجمعهم ـ لكنه اختار قوما ـ لا لينتفع بهم ـ بل لنفعهم ، وردّ آخرين وأذلّهم بمنعهم ووضعهم :
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي)
(٢) قال صلىاللهعليهوسلم : «أعدى عدوّك نفسك التي بين جنبيك (٣) وأوحى الله سبحانه إلى داود عليهالسلام : «عاد نفسك فليس لى في المملكة منازع غيرها». فمن عادى نفسه فقد قام بحقّ الله ، ومن لم يعاد نفسه لحقته هذه الوصمة. وأصل الإيمان الموالاة والمعاداة في الله ومن جنح إلى الكفار أو إلى الخارجين عن دائرة الإسلام انحاز إلى جانبهم.
__________________
(١) هكذا في م وهي الصواب أما في ص فهى (الحق) وهي خطأ من الناسخ.
(٢) نزلت الآية في حاطب بن أبى بلتعة الذي بعث في السّرّ بكتاب مع امرأة يقال لها سارة إلى أهل مكة يحذّرهم فيه من استعداد النبي لهم والتهيؤ لقتالهم ، فوضعت الكتاب في عقاص شعرها. ونزل جبريل على الرسول ليخبره بالأمر ، فأرسل في إثرها فرسانه ، فانتزعوا الكتاب منها.
وحينما همّ عمر رضى الله عنه بضرب عنق حاطب قال الرسول : وما يدريك يا عمر لعلّ الله قد اطلع على أهل بدر فقال لهم : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم؟ ففاضت عينا عمر ، ونزلت الآية.
(٣) ينظر الصوفية إلى النفس على أنها محلّ المعلولات (الرسالة ص ٤٨).