سورة المدّثر
قوله جل ذكره : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).
(بِسْمِ اللهِ) كلمة سماعها نزهة قلوب الفقراء ، كلمة سماعها بهجة أسرار الضعفاء ، راحة أرواح الأحبّاء ، قوة قلوب الأولياء ، سلوة صدور الأصفياء ، قرّة عيون أهل البلاء.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ، قُمْ فَأَنْذِرْ)
يا أيها المتدثر بثوبه.
وهذه السورة من أول ما أنزل من القرآن. قيل : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذهب إلى حراء قبل النّبوة ، فبدا له جبريل في الهواء ، فرجع الرسول إلى بيت خديجة وهو يقول «دثّرونى دثّرونى» فدثّر بثوب فنزل عليه جبريل وقال : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ، قُمْ فَأَنْذِرْ) (١).
وقيل : أيها الطالب صرف الأذى عنك بالدثار اطلبه بالإنذار.
ويقال : قم بنا ، وأسقط عنك ما سوانا ، وأنذر عبادنا ؛ فلقد أقمناك بأشرف المواقف ، ووقفناك بأعلى المقامات.
ويقال : لمّا سكن إلى قوله : (قُمْ) وقام قطع سرّه عن السّكون إلى قيامه ، ومن الطمأنينة في قيامه.
قوله جل ذكره : (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ).
__________________
(١) حدّث جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله (ص) : جاورت بحراء شهرا ، فلما قضيت جوارى نزلت فاستبطنت بطن الوادي ، فنوديت ، فنظرت أمامى وخلفى وعن يمينى وعن شمالى فلم أر أحدا ، ثم نوديت فنظرت فلم أر أحدا ، ثم نوديت فرفعت رأسى فإذا جبريل على عرش في الهواء فأخذتنى رجفة شديدة فأتيت خديجة فقلت : دثرونى. فصبوا على ماء. رواه البخاري بهذه النهاية : دثرونى وصبوا على ماء باردا فدثرونى وصبوا عليّ ماء باردا فنزلت : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ).