سورة الصّف
قوله جل ذكره : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(بِسْمِ اللهِ) كلمة من وقفه الله لعرفانها لم يصبر عن ذكرها بلسانه ثم لا يفتر حتى يصل إلى المسمّى بها بجنانه : فى البداية بتأمّل برهانه لمعرفة سلطانه ، ثم لا يزال يزيده في إحسانه حتى ينتهى في شأنه بالتحقق مما هو كعيانه.
قوله جل ذكره : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١))
من أراد أن يصفو له تسبيحه فليصفّ قلبه من آثار نفسه ، ومن أراد أن يصفو له في الجنّة عيشه فليصفّ من أوضار ذنبه نفسه.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (٣))
جاء في التفاسير أنهم قالوا : لو علمنا ما فيه رضا الله لفعلنا ولو فيه كل جهد ... ثم لمّا كان يوم أحد لم يثبتوا ، فنزلت هذه الآية في العتاب (١).
وفي الجملة : خلف الوعد مع كلّ أحد قبيح ، ومع الله أقبح.
ويقال إظهار التجلّد من غير شهود مواضع الفقر إلى الحقّ في كلّ نفس يؤذن بالبقاء عمّا حصل بالدعوى (٢) ... والله يحب التبرّى من الحول والقوة.
__________________
(١) قال محمد بن كعب : لما أخبر الله تعالى نبيّه (ص) بثواب شهداء بدر قال بعض الصحابة : اللهم اشهد لئن لقينا قتالا لنفرغنّ فيه وسعنا ... ففروا يوم أحد ، فعيرهم الله بذلك.
(٢) أي بدعوى النّفس ؛ تسوّل له نفسه أن له في الأمر شيئا ، وأن تدبيره هو الذي مكّن له.