سورة الجمعة
قوله جل ذكره : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).
(بِسْمِ اللهِ) اسم عزيز إذا تجلّى لقلب عبد بوصف جماله تجمعت أفكاره على بساط جوده فلم يتفرّق بسواه (١).
ومن تجلّى لسرّه بنعت جلاله اندرجت جملته ، واستهلك في وجوده فلم يشعر بكرائم دنياه ولا بعظائم عقباه ..
وكم له من إنعام! وكم له من إحسان! وكما في أمثالهم : «جرى الوادي فطمّ على القريّ» (٢)
قوله جل ذكره : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)
تسبح في بحار توحيد الحقّ أسرار أهل التحقيق ، وبحرهم بلا شاطىء ؛ فبعد ما حصلوا فيها فلا خروج ولا براح ، فحازت أيديهم جواهر التفريد فرصّعوها في تاج العرفان كى يلبسوه يوم اللّقاء.
(الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ).
(الْمَلِكِ) : الملك المتفرّد باستحقاق الجبروت.
(الْقُدُّوسِ) : المنزّه عن الدرك والوصول : فليس بيد الخلق إلّا عرفان الحقائق بنعت التعالي ، والتأمل في شهود أفعاله ، فأمّا الوقوف على حقيقة إنّيته ـ فقد جلّت الصمدية عن
__________________
(١) لاحظ هنا دقة استعمال الاصطلاحين (الجمع والفرق).
(٢) القرى ـ مجرى الماء في الروضة والجمع : أقرية وأقراء وقريان ، ويضرب المثل عند تجاوز الشيء حدّه.