سورة المزمّل
قوله جل ذكره : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).
(بِسْمِ اللهِ) : الحادثات بالله حصلت ، فقلوب العارفين بالله عرفت ما عرفت وأرواح الصّديقين بالله ألفت من ألفت وفهوم الموحّدين بساحات جلاله وقفت ، ونفوس العابدين بالعجز عن استحقاق عبادته اتّصفت وعقول الأولين والآخرين بالعجز عن معرفة جلاله اعترفت.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (٢))
أي : المتزمل المتلفّف في ثيابه. وفي الخبر : أنه كان عند نزول هذه الآية عليه مرطّ من شعر ووبر ، وقالت عائشة رضى الله عنها : كان نصفه عليّ وأنا نائمة ، ونصفه على رسول الله وهو يصلّى ، وطول المرط أربعة عشر ذراعا (١).
(نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)
قم الليل إلا قليلا ، نصفه بدل منه ؛ أي : قم نصف الليل ، وأنقص من النصف إلى الثلث أو زد على الثلث ، فكان عليه الصلاة والسلام في وجوب قيام الليل مخيّرا ما بين ثلث الليل إلى النصف وما بين النصف إلى الثلث. وكان ذلك قبل فرض الصلوات الخمس ، ثم نسخ بعد وجوبها على الأمة ـ وإن كانت بقيت واجبة على الرسول صلىاللهعليهوسلم.
ويقال : يا أيها المتزمّل بأعباء النبوّة ... قم الليل.
__________________
(١) معنى هذا : أن السورة مدنية وليست مكية ، لأن النبي لم يبن بعائشة إلا في المدينة.