قوله جل ذكره : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨))
صاحب الحوت : هو يونس عليهالسلام ، نادى وهو مكظوم : مملوء بالغيظ على قومه.
فلا تستعجل ـ يا محمد ـ بعقوبة قومك كما استعجل يونس فلقى ما لقى ، وتثبّت عند جريان حكمنا ، ولا تعارض تقديرنا.
(لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ)
أي : لو لا أنّ الله رحمه بفضله لطرح بالفضاء وهو مذموم ولكن :
(فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ)
فاصطفاه واختاره ، وجعله من الصالحين بأن أرسله إلى مائة ألف أو يزيدون.
قوله جل ذكره : (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ)
كانوا إذا أرادوا أن يصيبوا شيئا بأعينهم جاعوا ثلاثة أيام ، ثم جاعوا ونظروا إلى ذلك الشيء قائلين : ما أحسنه من شىء! فكان يسقط المنظور في الوقت. وقد فعلوا ذلك بالنبي صلوات الله عليه ، فقالوا : ما أفصحه من رجل! ولكنّ الله سبحانه حفظه ، ومن بذكره عليه (١).
__________________
(١) ننبه إلى نقطة هامة .. ورود اسم القشيري عند القرطبي لا يعنى أنه إمامنا عبد الكريم القشيري صاحب هذا الكتاب ، بل ربما كان أحد أبنائه الستة .. فكلهم أئمة. وربما كان ابنه أبا نصر عبد الرحمن (انظر القرطبي الجزء العشرين ص ٥٤) وليس أدل على ذلك من المقارنة بين قول القشيري هنا وما جاء عند القرطبي في ح ١٨ ص ٢٥٥ (قال القشيري : وفي هذا نظر لأن الإصابة بالعين إنما تكون مع الاستحسان والإعجاب لا مع الكراهية والبغض ، ولهذا قال : ويقولون إنه لمجنون) أي ينسبونك إلى الجنون إذا رأوك تقرأ القرآن.