لاختلافهما ، لأنّ أحدهما ظرف مكان والآخر ظرف زمان ، وإنما الممتنع أن يتعلق ظرفا مكان أو ظرفا زمان بعامل واحد ، وليس فى واحد من هذين الظرفين ضمير ، لأنه لم يقم مقام محذوف مقدر من فعل أو اسم ، كاستقر أو مستقر.
فإن جعلت (بينكم) صفة ل (مودة) كان متعلقا بمحذوف وفيه ضمير استقر ومستقر الذى هو الصفة فى الحقيقة لأن الصفة لا بد أن يعود منها ضمير إلى الموصوف ، فيكون (فى الحياة الدنيا) فى موضع نصب على الحال من ذلك الضمير فى (بينكم) ، والعامل فيه الظرف وهو (بينكم) ، و (فى الحياة الدنيا) ضمير يعود على ذلك الضمير الذى فى (بينكم) ، لأنه صاحب الحال ، ولا بد أن يعود من الحال إلى ذى الحال ضمير ، كما لا بد أن يعود من الصفة إلى الموصوف ضمير ، ولا يجوز أن يعمل (مودة) فى قوله تعالى : (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ، إذا كان حالا من الضمير فى (بينكم) ، لأن (مودة) مصدر والمصدر إذا وصف لا يعمل. وقيل : يجوز أن يعمل فيه لأنه ظرف والظرف يخالف المفعول ، والأكثرون على الأول.
ويجوز أن يكون (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) أيضا صفة ل (مودة) ، فيكون فيه ضمير لما بينا من أنه لا بد أن يعود من الصفة إلى الموصوف ضمير ، والعامل فيه أيضا محذوف مقدر وهو استقر ومستقر على ما قدمنا.
قوله تعالى : (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (٢٧).
فى الآخرة ، جار ومجرور ، وفيما يتعلق به وجهان.
أحدهما : أن يكون متعلقا بمحذوف مقدر ، وتقديره ، وإنه صالح فى الآخرة لمن الصالحين.
والثانى : أن يكون متعلقا ب (الصالحين) على رأى أبى عثمان ، فإنه نزلها منزلة الألف واللام التى للتعريف ، لا بمعنى التى للذين.
قوله تعالى : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) (٢٨).