تقرأ (فيما) بالفاء وغير الفاء. فمن قرأه بالتاء جعلها جواب الشرط ، ومن قرأ بغير فاء ، حذفها لوجهين.
أحدهما : أن تكون (ما) بمعنى الذى ، فجاز حذفها ، كما جاز حذفها مع الذى.
والثانى : أن تكون (ما) شرطية ، ولم تعمل فى الفعل شيئا ، لأنها دخلت على لفظ الماضى ، فلذلك حذفت الفاء ، وجعلها شرطية أولى من جعلها بمعنى الذى ، لأنها أعم فى كل مصيبة ، فكان أقوى فى المعنى وأولى.
قوله تعالى : (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ) (٣٥).
يوبقهن ، مجزوم بالعطف على قوله تعالى : (فَيَظْلَلْنَ) ، المعطوف على جواب الشرط. ويعلم ، يقرأ بالنصب والرفع ، فالنصب على تقدير (أن) بعد الفاء ، ونصب الفعل بها ، لأنه مصروف عن العطف على ما قبله لأن ما قبله شرط وجزاء ، وهو غير واجب ، وجعلها فى تقدير المصدر ليعطف بالواو مصدرا على مصدر ، وقد قدمنا نظيره فى سورة البقرة فى قوله تعالى :
(فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ)(١)
بالنصب ، وليست بقوية فى القياس. ومنهم من قوّى النصب ههنا فى (يعلم) على قوله (فَيَغْفِرُ) ، لأنه قد وجد مع جواز النصب آخر ، وهو فتح اللام اعتبارا للتبعية ، وهو أن ما قبل الميم فى (يعلم) مفتوح ، ولم يوجد ذلك فى (يغفر) ، ولهذا كانت القراءة بالنصب فى قوله : (وَيَعْلَمَ) أكثر ، خلاف النصب فى قوله : (فَيَغْفِرُ). والرفع على الاستئناف.
قوله تعالى : (وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) (٣٧).
__________________
(١) ٢٨٤ سورة البقرة.