لأنه صفة لمفعول محذوف ، وتقديره ، ووصينا الإنسان بوالديه أمرا ذا حسن ، فحذف الموصوف والصفة وأقيم ما أضيفت الصفة إليه مقامه. ومن قرأ (حسنا) بفتحتين فتقديره ، فعلا حسنا.
قوله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) (١٥).
ثلاثون شهرا ، خبر المبتدأ الذى هو (حمله) ، وإنما رفع لأن فى الكلام مقدرا محذوفا ، وتقديره ، وقدّر حمله وفصاله ثلاثون شهرا ، وهذا حد الكلام ، لأنه أخبر بظرف عن ظرف ، وحق الخبر أن يكون هو المبتدأ فى المعنى ، ولو لا هذا التقدير ، لكان يكون منصوبا على الظرف ، لأن ظروف الزمان تكون أخبارا عن الأحداث ، ولو نصب (ثلاثين) على الظرف لتغير المعنى ، لأنه يصير الوصية فى ثلاثين شهرا ، كما تقول : سرت ثلاثين شهرا. أى ، فى هذه المدة. وفى هذا ما يدل على أن أقل الحمل ستة أشهر ، لأنه تعالى قد بيّن فى غير هذا الموضع ، أن مدة الرضاع حولين كاملين ، على ما قال تعالى :
(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ)(١).
وبيّن ههنا أن مدة الرضاع والحمل ثلاثون شهرا ، فإذا أسقط حولين من ثلاثين شهرا بقى مدة الحمل ستة أشهر.
قوله تعالى : (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ) (١٧).
الذى قال لوالديه ، فى موضع رفع لأنه مبتدأ ، وخبره محذوف ، وتقديره ، وفيما يتلى عليكم الذى (٢) قال لوالديه. وأف : اسم من أسماء الأفعال بمعنى أتضجر ، وهى مبنية على الكسر ، لأنه الأصل فى التقاء الساكنين ، وفيها إحدى عشرة لغة ، ذكرناها
__________________
(١) ٢٣٣ سورة البقرة.
(٢) (الذين) فى أ.