منفصلة من «لا» إن أدغمتها في اللام بغنّة ، فإن أدغمتها بغير غنّة كتبتها متصلة ؛ هذا قول الملهم [صاحب الأخفش](١). وقال غيره : بل تكتب منفصلة على كل حال. وقيل : إن قدّرتها مخففة من الثقيلة كتبتها منفصلة ؛ [لأن معها مضمرا يفصلها في النيّة مما بعدها](٢) ، وإن قدّرتها الناصبة للفعل كتبتها متصلة [؛ إذ ليس بعدها مضمر مقدر].
٤٨٠ ـ قوله تعالى : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ) ـ ١٨٨ ـ من قرأه بالياء جعل الفعل غير متعد ، و (الَّذِينَ يَفْرَحُونَ) فاعلون. ومن قرأ «فلا يحسبنّهم» بالياء جعله بدلا من : «لا يحسبنّ الذين يفرحون» على قراءة من قرأ بالياء. والفاء في «فلا» زائدة ، فلم تمنع من البدل ، ولما تعدّى «فلا يحسبنهم» إلى مفعولين استغنى بذلك عن تعدي : «لا يحسبنّ الذين يفرحون» ؛ لأن الثاني بدل منه. فوجه القراءة لمن قرأ «لا يحسبنّ الذين يفرحون» بالياء ، أن يقرأ : «فلا يحسبنّهم» بالياء أيضا ، ليكون بدلا من الأول ، فيستغني بتعدّيه عن تعدي الأول. فأما من قرأ الأول بالياء ، والثاني بالتاء ، فلا يحسن فيه البدل ؛ لاختلاف فاعليهما ، ولكن يكون مفعولا الأول حذفا ؛ لدلالة مفعولي الثاني عليهما. فأمّا من قرأ (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ) بالتاء ـ وهم الكوفيون (٣) ـ فإنهم أضافوا الفعل إلى المخاطب ،
__________________
(١) زيادة في الأصل. والأخفش : هو هارون بن موسى بن شريك التغلبي ، أبو عبد الله ، المفسر النحوي ، شيخ القراء بدمشق ، يعرف بالأخفش الدمشقي ، توفي سنة ٢٩٢ ه. (معجم الأدباء ١٩ / ٢٦٣ ؛ إنباه الرواة ٣ / ٣٦١ ؛ طبقات القراء ٢ / ٣٤٧ ؛ طبقات المفسرين ٢ / ٣٤٧).
وصاحبه أبو الحسن بن الأخرم ، وهو محمد بن النّضر ، الرّبعي الدمشقي. كانت له حلقة عظيمة بجامع دمشق ، يقرءون عليه من بعد الفجر إلى الظهر ، توفي سنة ٣٤١ ه. (سير أعلام النبلاء ٥ / ٥٦٤ ؛ معرفة القراء الكبار ١ / ٢٣٤ ؛ شذرات الذهب ٢ / ٣٦١).
(٢) زيادة في (ظ ، ق).
(٣) قرأ بالتاء عاصم ، وحمزة ، والكسائي ، ويعقوب ، وخلف ، وقرأ الباقون بالياء. النشر ٢ / ٢٣٨ ، والإتحاف ص ١٨٣.