أنّ «أنّ» مبدلة من الأولى ، في موضع نصب ب (يَعْلَمُوا). وقال الجرميّ والمبرد : هي مؤكّدة للأولى في موضع نصب ، والفاء زائدة على هذين القولين ، ويلزم في القولين جواز البدل والتأكيد قبل تمام المبدل منه وقبل تمام الموكّد ، والقولان عند أهل النظر ناقصان ؛ لأنّ «أنّ» من قوله : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ) لم تتم قبل الفاء (١) ، فكيف تؤكد منها ، أو تبدل قبل تمامها ، وتمامها هو الشرط وجوابه ؛ لأنّ الشرط وجوابه خبر «أنّ» ، ولا تتمّ إلا بتمام خبرها. وقال الأخفش (٢) : هي في موضع رفع ؛ لأن الفاء قطعت ما قبلها مما بعدها ، تقديره : فوجوب النار له. وقال علي بن سليمان : «أنّ» خبر ابتداء محذوف تقديره : فالواجب أنّ له نار جهنم ، فالفاء في هذين القولين جواب الشرط ، والجملة خبر «أنّ». وقال غيرهما : «أن» في (فَأَنَّ) مرفوعة بالاستقرار على إضمار مجرور بين الفاء و «أنّ» ، تقديره : فله أنّ له نار جهنّم ؛ وهو قول الفارسي واختياره (٣).
١٠٦٩ ـ قوله تعالى : (أَنْ تُنَزَّلَ) ـ ٦٤ ـ (أَنْ) في موضع نصب على حذف الجر تقديره : من أن تنزل. ويجوز على قياس قول الخليل وسيبويه أن تكون في موضع خفض على إرادة «من» ، لأنّ حرف الجر قد كثر حذفه مع (أَنْ) فعمل مضمرا ، ولا يجوز ذلك عندهما مع غير (أَنْ) ، لأنه (٤) لم يكثر حذفه كما كثر مع (أَنْ) خاصة (٥).
١٠٧٠ ـ قوله تعالى : (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ـ ٦٩ ـ الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره : وعدا كما وعد الذين من قبلكم (٦).
__________________
(١) في الأصل : «الهاء».
(٢) معاني القرآن ، ص ٣٣٤.
(٣) البيان ٤٠٢/١ ؛ والعكبري ١٠/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٩٤/٨.
(٤) في(ح ، ظ ، ق) : «لكثرة حذفه مع(أن)خاصة».
(٥) البيان ٤٠٢/١ ؛ وتفسير القرطبي ١٩٦/٨.
(٦) في البيان ٤٠٣/١ : «ودل على تقدير هذا المصدر قوله تعالى قبل هذه الآية : (وَعَدَ اللّٰهُ الْمُنٰافِقِينَ).