ولو أنك جعلت الجملة في موضع الحال من الهاء في (فِيها) على أن تنصب (مَجْراها) على الظرف ، لصار التقدير : اركبوا فيها متبركة (١) باسم الله في وقت الجري ؛ وليس المعنى على ذلك ؛ لا تخبر عن السفينة بالتبرك ، إنما التبرّك لركّابها. ولو جعلت (مَجْراها وَمُرْساها) في موضع اسم فاعل ، لكانت حالا مقدرة ، ولجاز ذلك ، ولجعلتها في موضع نصب على الحال من اسم الله. وإنما كانت ظرفا فيما تقدّم من الكلام ، على ألا تجعل (مَجْراها) في موضع اسم فاعل ، فأمّا إن جعلت (مَجْراها) بمعنى جارية ، و (مُرْساها) بمعنى راسية ، فكونه حالا مقدّرة حسن.
وهذه المسألة يوقف بها على جميع ما كان في الكلام والقرآن من نظيرها ، وذلك لمن فهمها حقّ فهمها ، وتدبّرها حقّ تدبرها ، فهي من غرر المسائل المشكلة.
فأما فتح (٢) الميم وضمّها في (مَجْراها) ؛ فمن فتحها أجرى الكلام على : جرت مجرى. ومن ضمّ أجراه على : أجراها الله مجرى (٣). وقد قرأ الجحدري (٤) : «مجراها ومرسيها» بالياء ، جعلها نعتا لله ، جلّ ذكره. ويجوز أن يكونا في موضع رفع على إضمار مبتدإ ، أي : هو مجراها ومرسيها.
١١٣٤ ـ قوله تعالى : (وَكانَ فِي مَعْزِلٍ) ـ ٤٢ ـ من كسر الزّاي جعله اسما للمكان ، ومن فتح فعلى المصدر.
١١٣٥ ـ قوله تعالى : (يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا) ـ ٤٢ ـ الأصل في بنيّ : بنيّي ، بثلاث ياءات : ياء التصغير ، وياء بعدها ، هي
__________________
(١) في(ظ) : «مبتركين».
(٢) قرأ بفتح الميم من «مجراها» حفص وحمزة الكسائي وخلف ، وقرأ الباقون بضمها. النشر ٢٧٧/٢ ؛ والتيسير ص ١٢٤ ؛ والإتحاف ص ٢٥٦ ؛ والكشف ٥٢٨/١.
(٣) (ح) : «أجرى اللّه مجراه» وأثبت ما في(ظ ، ق ، د).
(٤) قرأ به الضحاك والنخعي وابن وثاب وأبو رجاء ومجاهد وابن جندب والكلبي والجحدري. البحر المحيط ٢٢٥/٥ ؛ وانظر : إعراب القرآن للنحاس ٩٠/٢.