الفراء (١) أن تكون في موضع رفع ب (لَبِثَ) تقديره عنده : فما لبث مجيئه ، أي ما أبطأ مجيئه بعجل. ففي (لَبِثَ) على القول الأوّل ، ضمير (إِبْراهِيمَ) ، ولا ضمير فيه على القول الثاني. وقيل : «ما» بمعنى الذي ، وفي الكلام حذف مضاف تقديره : فالذي لبث (٢) إبراهيم قدر مجيئه بعجل ، أراد أن يبين قدر إبطائه ، ففي (لَبِثَ) ضمير الفاعل وهو (إِبْراهِيمَ) أيضا (٣).
١١٤٧ ـ قوله تعالى : (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) ـ ٧١ ـ من رفع (٤) (يَعْقُوبَ) جعله مبتدأ ، وما قبله خبره ، والجملة في موضع نصب على الحال المقدّرة من المضمر المنصوب في «بشرناها» ، فيكون (يَعْقُوبَ) داخلا في البشارة. ويجوز رفع «يعقوب» على إضمار فعل تقديره : ويحدث من وراء إسحاق يعقوب ، فيكون «يعقوب» غير داخل في البشارة. ومن نصب (يَعْقُوبَ) جعله في موضع خفض على العطف على (إِسْحاقَ) ، لكنّه لم ينصرف للتعريف والعجمة ، وهو مذهب الكسائيّ ، وهو ضعيف عند سيبويه والأخفش (٥) ؛ إلا بإعادة الخافض ؛ لأنّك فرقت بين الجار والمجرور (٦) بالظرف ، وحقّ المجرور أن يكون ملاصقا للجار (٧) ، والواو قامت مقام حرف الجر ؛ ألا ترى أنّك لو قلت : مررت بزيد ، وفي الدار عمرو ، قبح ، وحقّ الكلام : مررت بزيد وعمرو في الدار ، وبشرناها بإسحاق ويعقوب من ورائه وقيل : (يَعْقُوبَ) منصوب ، محمول على موضع (بِإِسْحاقَ) ، وفيه بعد أيضا ؛ للفصل بين حرف العطف والمعطوف
__________________
(١) معاني القرآن ٢١/٢.
(٢) في العكبري ٢٣/٢ : «والذي لبثه ...».
(٣) البيان ٢١/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٦٣/٩ وقد نقل ما حكاه ابن العربي عن كبراء النحويين ، أن «أن» بمعنى «حتى» ، والتقدير : فما لبث حتى جاء.
(٤) الرفع قراءة غير ابن عامر وحمزة وحفص ، فأما هؤلاء فقرءوا بالنصب. النشر ٢٧٩/٢ ؛ والتيسير ص ١٢٥ ؛ والإتحاف ص ٢٥٨.
(٥) معاني القرآن ، ص ٣٥٥.
(٦) في(ح) : «بين الخافض والمخفوض» وأثبت ما في(ظ ، ق ، د).
(٧) في هامش(ح) : عبارة «بلغ».