بالنصب (١) على إضمار فعل ، كأنّه قال : وجعل على أبصارهم غشاوة ، فالوقف على (سَمْعِهِمْ) يجوز في هذه القراءة ، وليس كحسنه في قراءة من رفع (٢).
٢٥ ـ قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ) ـ ٨ ـ فتحت نون (مِنَ) للقائها الساكن ، وهو لام التعريف ؛ وكان الفتح أولى بها من الكسر ؛ لانكسار
__________________
(١) قراءة النصب رواها المفضل عن عاصم كما في زاد المسير ١ / ٢٨ ، وقد ردّ قراءة النصب الطبري في تفسيره ١ / ٢٦٣.
(٢) في هامش (ظ) ٤ / ب.
(غِشاوَةٌ) يقرأ بالرفع على أنه مبتدأ ، و (عَلى أَبْصارِهِمْ) خبره ، وفي الجار على هذا ضمير. وعلى قول الأخفش : (غِشاوَةٌ) مرفوع بالجار ، كارتفاع الفاعل بالفعل ، ولا ضمير في الجار على هذا ، لارتفاع الظاهر به. والوقف على هذه القراءة على «سمعهم». ويقرأ بالنصب بفعل مضمر تقديره : وجعل على أبصارهم غشاوة. ولا يجوز أن ينصب (خَتَمَ) لأنه لا يتعدى بنفسه. ويجوز كسر الغين وفتحها ، وفيها ثلاث لغات أخر : غشوة ، بغير ألف ، بفتح الغين وضمها وكسرها» ، (تبيان) ، وانظره فيه ١ / ٩.
وفيه أيضا : «ذكر العمالي في كتاب المرشد في الوقف والابتداء : وقد روى المفضل عن عاصم (غشاوة) بالنصب ... ونصبه على وجهين :
أحدهما : أن ينتصب بفعل مضمر ، كأنه قال : ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ، وجعل على أبصارهم غشاوة ، كما قال في سورة الجاثية ـ الآية ٢٣ ـ : (وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً) وإنما جاز هذا الإضمار لدلالة أول الكلام على آخره ، ومثل هذا الإضمار يجوز إذا كان الفعل المضمر معناه موافقا لمعنى الفعل الأول ، كما قال الشاعر :
ورأيت زوجك في الوغى |
|
متقلدا سيفا ورمحا |
يريد : وحاملا رمحا. وقال الفراء : أنشدني بعض بني أسد ، يصف فرسه :
علفتها تبنا وماء باردا |
|
حتى شتت همالة عيناها |
يعني : وسقيتها ماء باردا. وقال آخر :
إذا ما الغانيات برزن يوما |
|
وزججن الحواجب والعيونا |
والعيون لا تزجج ، إنما تكتحل ، أراد : وكحلن العيون».
وفي الهامش ذاته أيضا :
«زججت المرأة حاجبها : دققته وطولته».