لا يحتاج أن يسأل غيره عن شيء ؛ إنما يحتاج أن يسأل هو عن الأمور لخبره بها ، وإن جعلته حالا من المضمر في (بِهِ) لم يجز ؛ لأنّ المسئول عنه ، وهو (الرَّحْمنُ) ، خبير أبدا ؛ والحال أكثر أمرها أنّها لما ينتقل ويتغير ، فإن جعلتها الحال المؤكدة التي لا تنتقل مثل : (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً)(١) و (وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً)(٢) جاز ، وفيه نظر (٣).
١٥٩٥ ـ قوله تعالى : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ) ـ ٦٣ ـ (عِبادُ) رفع بالابتداء ، والخبر (الَّذِينَ يَمْشُونَ). وقال الأخفش (٤) : (الَّذِينَ يَمْشُونَ) نعت ل (عِبادُ) ، والخبر محذوف. وقال الزجّاج (٥) : (الَّذِينَ يَمْشُونَ) نعت ، والخبر : (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ) ـ ٧٥ ـ
١٥٩٦ ـ قوله تعالى : (قالُوا)(٦) (سَلاماً) ـ ٦٣ ـ نصب على المصدر ، معناه : تسليما ، فأعمل القول فيه ؛ لأنّه لم يحك قولهم بعينه ، إنّما حكى معنى قولهم ، ولو حكى قولهم بعينه لكان محكيّا ، ولم يعمل فيه القول ؛ فإنما أخبر تعالى ذكره ، أنّ هؤلاء القوم إذا خاطبهم الجاهلون بالله بما يكرهون قالوا سدادا من القول ، لم يجاوبوهم بلفظ «سلام» بعينه.
وقد قال سيبويه : هذا منسوخ ، لأنّ هذه الآية نزلت بمكّة قبل أن يؤمروا بالقتال ؛ وما تكلّم سيبويه في شيء من الناسخ والمنسوخ غير هذه الآية ، فهو من «التسلّم» وليس من التسليم (٧). قال سيبويه : ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلّموا على المشركين ، [و] استدلّ سيبويه أنه من
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٩١ ، وانظر فقرة(١٤٧).
(٢) سورة الأنعام : الآية ١٢٦ ، فقرة(٨٤٩).
(٣) البيان ٢٠٧/٢ ؛ والعكبري ٨٩/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٦٣/١٣.
(٤) معاني القرآن ص ٤٢٢.
(٥) معاني القرآن ٧٤/٤.
(٦) في الأصل : «وقالوا» وهو تحريف.
(٧) في الأصل «فهو من السّلام في هذا. وليس من التسليم».