فإنما كسر «إنّ» لدخول اللام. قال الشاعر : [الطويل]
٢٢١ ـ وأعلم علما ليس بالظنّ أنّه |
|
إذا ذلّ مولى المرء فهو ذليل (١) |
وإنّ لسان المرء ما لم تكن له |
|
حصاة على عوراته لدليل |
فكسر الثانية لأن اللام بعدها. ومن العرب من يفتحها لأنه لا يدري أن بعدها لاما. وقد سمع مثل ذلك من العرب في قوله (أفلا يعلم إذا بعثر ما فى القبور (٩) وحصّل ما فى الصّدور (١٠) إنّ ربّهم يومئذ لّخبير) (١١) [العاديات : ٩ ـ ١١] ففتح وهو غير ذاكر للام وهذا غلط قبيح.
وقال (وما رميت إذ رميت ولكنّ الله رمى) [الآية ١٧] تقول العرب : «والله ما ضربت غيره» وإنما ضربت أخاه كما تقول : «ضربه الأمير» والأمير لم يل ضربه. ومثل هذا في كلام العرب كثير.
وقال (واتّقوا فتنة لّا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّة) [الآية ٢٥] فليس قوله ـ والله أعلم ـ (تصيبنّ) [الآية ٢٥] بجواب ولكنه نهي بعد أمر ، ولو كان جوابا ما دخلت النون.
وقال (اللهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك) [الآية ٣٢] فنصب (الحقّ) لأن (هو) ـ والله أعلم ـ جعلت ها هنا صلة في الكلام زائدة توكيدا كزيادة (مآ). ولا تزاد إلا في كل فعل لا يستغني عن خبر ، وليست (هو) بصفة ل (هذا) لأنك لو قلت : «رأيت هذا هو» لم يكن كلاما ولا تكون هذه المضمرة من صفة الظاهرة ولكنها تكون من صفة المضمرة في نحو قوله (ولكن كانوا هم الظّلمين) [الزّخرف : الآية ٧٦] و (تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا) [المزمّل : الآية ٢٠] لأنك تقول «وجدته هو» و «أتاني هو» فتكون صفة ، وقد تكون في هذا المعنى أيضا غير صفة ولكنها تكون زائدة كما كان في الأول.
وقد تجري في جميع هذا مجرى الاسم فيرفع ما بعده إن كان ما قبله ظاهرا أو مضمرا في لغة لبني تميم في قوله (إن كان هذا هو الحقّ) [الآية ٣٢]
__________________
(١) البيتان لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٨١ د ولسان العرب (حظرب) ، (أجأ) ، وأساس البلاغة (حصي) ، وكتاب العين ٧ / ١٧٧ ، وتاج العروس (حصي) ، ولكعب بن سعد الغنوي في لسان العرب (حصي) ، ولكعب بن سعد الغنوي أو لطرفة في تاج العروس (حصو) ، وبلا نسبة في كتاب العين ٣ / ٢٦٨ ، والمخصص ٣ / ١٩ ، ومقاييس اللغة ٢ / ٧٠ ، وتخليص الشواهد ص ٣٤٦.