وقال (بدم كذب) [الآية ١٨] فجعل «الدّم» «كذبا» لأنه كذب فيه كما تقول «الليلة الهلال» فترفع وكما قال (فما ربحت تّجرتهم) [البقرة : الآية ١٦].
وقال (وجآءت سيّارة فأرسلوا واردهم) [الآية ١٩] فذكّر بعد ما أنّث لأنّ «السيّارة» في المعنى للرجال.
وقال (معاذ الله إنّه ربّى) [الآية ٢٣] أي : أعوذ بالله معاذا. جعله بدلا من اللفظ بالفعل لأنه مصدر وإن كان غير مستعمل مثل «سبحان» وبعضهم يقول «معاذة الله» ويقول «ما أحسن معناة هذا الكلام» يريد المعنى.
وقال (إلّا أن يسجن أو عذاب أليم) [الآية ٢٥] يقول «إلّا السجن أو عذاب أليم» لأن «أن» الخفيفة وما عملت فيه اسم بمنزلة «السّجن».
وقال (وليكونا مّن الصّغرين) [الآية ٣٢] فالوقف عليها (وليكونا) لأن النون الخفيفة إذا انفتح ما قبلها فوقفت عليها جعلتها ألفا ساكنة بمنزلة قولك «رأيت زيدا» ومثله (لنسفعا بالناصية) [العلق : ٩٦] الوقف عليها (لنسفعا).
وقال (ثمّ بدا لهم مّن بعد ما رأوا الأيت ليسجننّه حتّى حين) (٣٥) [الآية ٣٥] فأدخل النون في هذا الموضع لأن هذا موضع تقع فيه «أي» فلما كان حرف الاستفهام يدخل فيه ، دخلته النون لأن النون تكون في الاستفهام ، تقول «بدا لهم أيّهم يأخذون» أي استبان لهم.
وقال (وما نحن بتأويل الأحلم بعلمين) [الآية ٤٤] فإحدى الباءين أوصل بها الفعل إلى الاسم والأخرى دخلت ل «ما» وهي الآخرة.
وقال (وادّكر بعد أمّة) [الآية ٤٥] وإنما هي «افتعل» من «ذكرت» فأصلها «اذتكر» ، ولكن اجتمعا في كلمة واحدة ومخرجاهما متقاربان ، وأرادوا أن يدغموا والأول حرف مجهور وإنما يدخل الأول في الآخر والآخر مهموس ، فكرهوا أن يذهب منه الجهر فجعلوا في موضع التاء حرفا من موضعها مجهورا وهو الدال لأن الحرف الذي قبلها مجهور. ولم يجعلوا الطاء لأن الطاء مع الجهر مطبقة. وقد قال بعضهم (مذّكر) فأبدل التاء ذالا ثم أدخل الذال فيها. وقد قرئت هذه الآية (أن يصلحا بينهما صلحا) [النّساء : الآية ١٢٨] وهي «أن يفتعلا» من «الصلح» فكانت التاء بعد الصاد فلم تدخل الصاد فيها للجهر والاطباق. فأبدلوا التاء صادا وقال بعضهم (يصطلحا) وهي الجيدة. لما لم يقدر على إدغام الصاد في التاء