وأما قوله (ويمدّهم فى طغينهم يعمهون) [الآية ١٥] فهو في معنى «ويمدّ لهم» كما قالت العرب : «الغلام يلعب الكعاب» تريد : «يلعب بالكعاب» وذلك أنهم يقولون : «قد مددت له» و «أمددته» في غير هذا المعنى وهو قوله جل ثناؤه (وأمددنهم بفكهة) [الطّور : الآية ٢٢] وقال (ولو جئنا بمثله مددا) [الكهف : الآية ١٠٩]. وقال بعضهم : «مدادا» و «مدّا» من «أمددناهم» وتقول : «مدّ النهر فهو مادّ» و «أمدّ الجرح فهو ممدّ». وقال يونس : «ما كان من الشرّ فهو «مددت» وما كان من الخير فهو «أمددت». فتقول كما فسرت له فإذا أردت أنك تركته قلت : «مددت له» وإذا أردت أنك أعطيته قلت : «أمددته».
وقوله (فما ربحت تّجرتهم) [الآية ١٦] فهذا على قول العرب : «خاب سعيك» وإنما هو الذي خاب ، وإنما يريد «فما ربحوا في تجارتهم» ومثله (بل مكر الّيل والنّهار) [سبإ : الآية ٣٣] و (ولكنّ البرّ منءامن بالله) [الآية ١٧٧] إنما هو «ولكنّ البرّ برّ من آمن بالله» وقال الشاعر : [المتقارب]
٢٥ ـ وكيف تواصل من أصبحت |
|
خلالته كأبي مرحب (١) |
وقال الشاعر : [الطويل]
٢٦ ـ وشرّ المنايا ميّت وسط أهله |
|
كهلك الفتاة أسلم الحيّ حاضره (٢) |
إنما يريد : «وشر المنايا منية ميّت وسط أهله» ، ومثله : «أكثر شربي الماء» و «أكثر أكلي الخبز» وليس أكلك بالخبز ولا شربك بالماء. ولكن تريد أكثر أكلي أكل الخبز وأكثر شربي شرب الماء. قال (وسئل القرية) [يوسف : الآية ٨٢] يريد : «أهل القرية» ، (والعير) أي : «واسأل أصحاب العير». وقال (ومثل الّذين
__________________
ـ الأشموني ٢ / ٢٩٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٥٤ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٦٥ ، وشرح المفصل ١ / ١٢٠ ، ولسان العرب (يا) ، والمحتسب ١ / ٥٢ ، ٣٤٨ ، ومغني اللبيب ٢ / ١٤٣ ، والمقتضب ٢ / ٣٢٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ٢٨ ، وتاج العروس (عنن).
(١) البيت للنابغة الجعدي في ديوانه ص ٢٦ ، وسمط اللآلي ص ٤٦٥ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٩٤ ، ٣٥٤ ، والكتاب ١ / ٢١٥ ، ولسان العرب (رحب) ، (خلل) ، ونوادر أبي زيد ص ١٨٩ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٨ / ٢٤٢ ، وإصلاح المنطق ص ١١٢ ، وأمالي المرتضى ١ / ٢٠٢ ، والإنصاف ص ٦٢ ، ومجالس ثعلب ص ٧٧ ، والمحتسب ٢ / ٢٦٤ ، والمقتضب ٣ / ٢٣١ ، ولسان العرب (شرب) ، (برر).
(٢) البيت للحطيئة في أمالي المرتضى ١ / ٤٩ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٨٦ ، والكتاب ١ / ٢١٥ ، ولم أقع عليه في ديوانه ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٦١.