ولا يعتذرون». وما كان بعد هذا جواب المجازاة بالفاء والواو ، فإن شئت أيضا نصبته على ضمير «أن» إذا نويت بالأول أن تجعله اسما كما قال (إن يشأ يسكن الرّيح فيظللن رواكد على ظهره) [الشّورى : الآية ٣٣] (أو يوبقهنّ بما كسبوا) [الشّورى : الآية ٣٤] ويعف عن كثير (ويعلم الّذين) [الشّورى : الآية ٣٥] فنصب ، ولو جزمه على العطف كان جائزا ، ولو رفعه على الابتداء جاز أيضا. وقال (إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء) [البقرة : ٢٨٤] فتجزم (فيغفر) [الآية ٢٨٤] إذا أردت العطف ، وتنصب إذا أضمرت «إن» ونويت أن يكون الأول اسما ، وترفع على الابتداء وكل ذلك من كلام العرب. وقال (قتلوهم يعذّبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم) [التّوبة : الآية ١٤] ثم قال (ويتوب الله على من يشاء) [التّوبة : الآية ١٥] فرفع (ويتوب) لأنه كلام مستأنف ليس على معنى الأول. ولا يريد «قاتلوهم : «يتب الله عليهم» ولو كان هذا لجاز فيه الجزم لما ذكرت. وقال الشاعر : [الوافر]
٣٥ ـ فإن يهلك أبو قابوس يهلك |
|
ربيع الناس والشهر الحرام (١) |
ونمسك بعده بذناب عيش |
|
أجبّ الظهر ليس له سنام |
فنصب «ونمسك» على ضمير «أن» ونرى أن يجعل الأول اسما ويكون فيه الجزم أيضا على العطف والرفع على الابتداء. قال الشاعر : [الطويل]
٣٦ ـ ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى |
|
مصارع مظلوم مجرّا ومسحبا (٢) |
ومن يغترب عن قومه لا يجد له |
|
على من له رهط حواليه مغضبا |
وتدفن منه المحسنات وان يسىء |
|
يكن ما أساء النار في رأس كبكبا |
ف «تدفن» يجوز فيه الوجوه كلها. قال الشاعر : [الطويل]
__________________
(١) البيتان للنابغة الذبياني في ديوانه ص ١٠٦ ، والأغاني ١١ / ٢٦ ، وخزانة الأدب ٧ / ٥١١ ، ٩ / ٣٦٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٨ ، وشرح المفصل ٦ / ٨٣ ، ٨٥ ، والكتاب ١ / ١٩٦ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٧٩ ، ٤ / ٤٣٤ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٠٠ ، والأشباه والنظائر ٦ / ١١ ، والاشتقاق ص ١٠٥ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٤٥٨ ، والإنصاف ١ / ١٣٤ ، وشرح الأشموني ٣ / ٥٩١ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٨٩ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٣٥٨ ، ولسان العرب (جبب) ، (ذنب) ، والمقتضب ٢ / ١٧٩.
(٢) الأبيات للأعشى في ديوانه ص ١٦٣ ، وجمهرة اللغة ص ١٧٧ ، وحماسة البحتري ص ١٠٦ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٤٩٢ ، والكتاب ٣ / ٩٢ ، ولسان العرب (زيب) ، (كبب) ، وبلا نسبه في المقتضب ٢ / ٢٢.