٣٧ ـ فإن يرجع النعمان نفرح ونبتهج |
|
ويأت معدّا ملكها وربيعها (١) |
وإن يهلك النعمان تعر مطيّة |
|
وتخبأ في جوف العياب قطوعها |
وقال تبارك وتعالى (ومن عاد فينتقم الله منه) [المائدة : الآية ٩٥] فهذا لا يكون إلا رفعا لأنه الجواب الذي لا يستغنى عنه. والفاء إذا كانت جواب المجازاة كان ما بعدها أبدا مبتدأ وتلك فاء الابتداء لا فاء العطف. ألا ترى أنك تقول : «إن تأتني فأمرك عندي على ما تحبّ». فلو كانت هذه فاء العطف لم يجز السكوت حتى تجيء لما بعد «إن» بجواب.
ومثلها (ومن كفر فامتعه قليلا) [البقرة : ١٢٦] وقال بعضهم «فأمتعه ثم اضطره» ف «أضطرّه» إذا وصل الألف جعله أمرا. وهذا الوجه إذا أراد به الأمر يجوز فيه الضم والفتح. غير أن الألف ألف وصل وإنما قطعتها «ثمّ» في الوجه الآخر ، لأنه كل ما يكون معناه «أفعل» فإنه مقطوع ، من الوصل كان أو من القطع. قال (أناءاتيك به) [النّمل : الآية ٣٩] وهو من «أتى» «يأتي» وقال (أتخذ من دونه آلهة) [يس : ٢٣] فترك الألف التي بعد ألف الاستفهام لأنها ألف «أفعل».
وقال الله تبارك وتعالى فيما يحكى عن الكفار (لو لا أخّرتنى إلى أجل قريب فأصّدّق وأكن مّن الصّلحين) [المنافقون : الآية ١٠] فقوله (فأصّدّق) [المنافقون : الآية ١٠] جواب للاستفهام ، لأنّ (لو لا) [الآية ١١٨] ها هنا بمنزلة «هلا» وعطف (وأكن) [يوسف : الآية ٣٣] على موضع (فأصّدّق) [المنافقون : الآية ١٠] لأنّ جواب الاستفهام إذا لم يكن فيه فاء جزم. وقد قرأ بعضهم «فأصدق وأكون» عطفها على ما بعد الفاء وذلك خلاف الكتاب. وقد قرىء (ومن يضلل الله فلا هادي له ويذرهم) [الأعراف : ١٨٦] جزم. فجزم (يذرهم) على أنه عطف على موضع الفاء لأن موضعها يجزم إذا كانت جواب المجازاة ، ومن رفعها على أن يعطفها على ما بعد الفاء فهو أجود وهي قراءة.
وقال (إن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ونكفر عنكم) [البقرة : ٢٧١] جزم ورفع على ما فسرت. وقد يجوز في هذا وفي الحرف الذي قبله النصب لأنه قد جاء بعد جواب المجازاة مثل (ويعلم الّذين يجدلون فىءايتنا) [الشّورى : الآية ٣٥] [و] (ولمّا يعلم الله الّذين جهدوا منكم ويعلم الصّبرين) [آل
__________________
(١) البيتان للنابغة الذبياني في ديوانه ص ١٠٧.