وتخضب لحية غدرت وخانت |
|
بأحمر من نجيع الجوف آن |
فنصب هذا كله لأنه نوى أن يكون الأوّل اسما فأضمر بعد الواو «أن» حتى يكون اسما مثل الأول فتعطفه عليه. وأما قوله (لو أنّ لنا كرّة فنتبرّأ منهم) [الآية ١٦٧] و (لو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين) [الشعراء : ١٠٢] فهذا على جواب التمني ، لأنّ معناه «ليت لنا كرّة». وقال الشاعر : [الوافر]
٤١ ـ فلست بمدرك ما فات مني |
|
ب «لهف» ولا ب «ليت» ولا «لواني» (١) |
فأنزل «لو اني» بمنزلة «ليت» لأن الرجل إذا قال : «لو أنّي كنت فعلت كذا وكذا» فإنما تريد «وددت لو كنت فعلت». وإنّما جاز ضمير «أن» في غير الواجب لأن غير الواجب يجيء ما بعده على خلاف ما قبله ناقضا له.
فلما حدث فيه خلاف لأوله جاز هذا الضمير. والواجب يكون آخره على أوله نحو قول الله عزوجل (ألم تر أنّ الله أنزل من السّماء مآء فتصبح الأرض مخضرّة) [الحجّ : الآية ٦٣] فالمعنى : «اسمعوا أنزل الله من السماء ماء» فهذا خبر واجب و (ألم تر) تنبيه. وقد تنصب الواجب في الشعر. قال الشاعر : [الوافر]
٤٢ ـ سأترك منزلي لبني تميم |
|
وألحق بالحجاز فأستريحا (٢) |
وهذا لا يكاد يعرف. وهو في الشعر جائز. وقال طرفة (٣) : [الطويل]
__________________
(١) البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٦٣ ، ١٧٩ ، والإنصاف ١ / ٣٩٠ ، وأوضح المسالك ٤ / ٣٧ ، وخزانة الأدب ١ / ١٣١ ، والخصائص ٣ / ١٣٥ ، ورصف المباني ص ٢٨٨ ، وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٥٢١ ، ٢ / ٧٢٨ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣٢٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٢١ ، وشرح قطر الندى ص ٢٠٥ ، ولسان العرب (لهف) ، والمحتسب ١ / ٢٧٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٤٨ ، والمقرب ١ / ١٨١ ، ٢ / ٢٠١ ، والممتع في التصريف ٢ / ٦٢٢.
(٢) البيت للمغيرة بن حبناء في خزانة الأدب ٨ / ٥٢٢ ، والدرر ١ / ٣٤٠ ، ٤ / ٧٩. وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٥١ ، وشرح شواهد المغني ص ٤٩٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٩٠ ، وبلا نسبة في الدرر ٥ / ١٣٠ ، والرد على النحاة ص ١٢٥ ، ورصف المباني ص ٣٧٩ ، وشرح الأشموني ٣ / ٥٦٥ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٨٩ ، وشرح المفصل ٧ / ٥٥ ، والكتاب ٣٩ ، ٩٢ ، والمحتسب ١ / ١٩٧ ، ومغني اللبيب ١ / ١٧٥ ، والمقتضب ٢ / ٢٤ ، والمقرب ١ / ٢٦٣.
(٣) طرفة : هو أبو عمرو ، طرفة بن العبد بن سفيان بن حرملة بن سعد بن مالك بن ضبيعة ، من بني بكر بن وائل ، خاله الملتمس جرير بن عبد المسيح ، عدّه ابن سلام في الطبقة الرابعة من الشعراء الجاهليين ، توفي شابا دون الثلاثين ، ورغم ذلك فإنه بلغ ما لم يبلغه القوم مع طول أعمارهم ، له ـ