حجارة كان المشركون يعبدونها ويزعمون أنها تشفع لهم عند الله ، ومفعول أرأيت الأول واللات وما عطف عليه ، والثاني محذوف ، والمعنى : أخبروني ألهذه الأصنام قدرة على شيء ما فتعبدونها دون الله القادر على ما تقدم ذكره ، ولما زعموا أيضا أن الملائكة بنات الله مع كراهتهم البنات نزل (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى) (٢١) (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) (٢٢) جائرة من ضازه يضيزه إذا ظلمه وجار عليه (إِنْ هِيَ) أي ما المذكورات (إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها) أي سميتم بها (أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) أصناما تعبدونها (ما أَنْزَلَ اللهُ بِها) أي بعبادتها (مِنْ سُلْطانٍ) حجة وبرهان (إِنْ) ما (يَتَّبِعُونَ) في عبادتها (إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ) مما زين لهم الشيطان من أنها تشفع لهم عند
____________________________________
تأنيث الأعز كالفضلى والأفضل وهو اسم صنم ، وقيل شجرة سمر لغطفان كانوا يعبدونها ، فبعث إليها رسول الله صلىاللهعليهوسلم خالد بن الوليد فقطعها.
قوله : (وَمَناةَ) إما بالهمزة بعد الألف أو بالألف وحدها ، قراءتان سبعيتان ، إما مشتقة من النوء وهو المطر ، لأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء ، أو من منى يمني أي صب ، لأن دماء النسك كانت تصب عندها. قوله : (اللتين قبلها) أي إما صفة بالنظر للفظ ، أو بالنظر للرتبة ، والمعنى أن رتبتها عندهم منحطة عن اللتين قبلها. قوله : (صفة ذم للثالثة) أي لأنها بمعنى المتأخرة الوضيعة المقدار. قوله : (وهي أصنام من حجارة) أي أن الثلاثة أصنام من حجارة ، كانت في جوف الكعبة ، وقيل : اللات لثقيف بالطائف ، والعزى شجرة لغطفان ، ومناة صخرة كانت لهذيل وخزاعة أو لثقيف ، وقيل : إن اللات أخذه المشركون من لفظ الله ، والعزى من العزيز ، ومناة من منى الله الشيء قدره. قوله : (والثاني محذوف) أي وهو جملة استفهامية استفهاما إنكاريا ذكرها بقوله : (ألهذه الأصنام) الخ ، والمعنى أفرأيتموها قادرة على شيء. قوله : (ولما زعموا أيضا) أي كما زعموا ، أن الأصنام الثلاثة تشفع لهم عند الله تعالى.
قوله : (تِلْكَ إِذاً) أي إذا جعلتم البنات له والبنين لكم. قوله : (ضِيزى) بكسر الضاد بعدها همزة أو ياء مكانها ، قراءتان سبعيتان ، وقرىء شذوذا بفتح الضاد وسكون الياء. قوله : (وجار عليه) عطف تفسير ، وهذا المعنى لكل من القراءات الثلاث. قوله : (ما المذكورات) أي الأصنام المذكورات من حيث وصفها بالألوهية ، والمعنى ليس لها من وصف الأولوهية التي أثبتموها لها إلا لفظها ، وأما معناها فهي خلية عنه ، لأنها من أحقر المخلوقات وأذلها. قوله : (أي سميتم بها) دفع بذلك ما يقال : إن الأسماء لا تسمى ، وإنما يسمى بها ، فكيف قال سميتموها؟ فأجاب : بأن الكلام من باب الحذف والإيصال ، والمفعول الأول محذوف قدره بقول أصنام. قوله : (أَنْتُمْ) ضمير فصل أتى به توصلا لعطف (وَآباؤُكُمْ) على الضمير المتصل في سميتموها على حد قول ابن مالك :
وإن على ضمير رفع متصل |
|
عطفت فافصل بالضمير المنفصل |
قوله : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) التفت من خطابهم إلى الغيبة ، إشعارا بأن كثرة قبائحهم ، اقتضت الإعراض عنهم. قوله : (مما زين لهم) بيان لما. قوله : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى) الجملة حالية من فاعل (يَتَّبِعُونَ) والمعنى : يتبعون الظن وهوى النفس في حالة تنافي ذلك ، هو مجيء الهدى من عند ربهم.