الْمَشْرِقَيْنِ) مشرق الشتاء ومشرق الصيف (وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) (١٧) كذلك (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (١٨) (مَرَجَ) أرسل (الْبَحْرَيْنِ) العذب والملح (يَلْتَقِيانِ) (١٩) في رأي العين (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ) حاجز من قدرته تعالى (لا يَبْغِيانِ) (٢٠) لا يبغي واحد منهما على الآخر فيختلط به (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٢١) (يَخْرُجُ) بالبناء للمفعول والفاعل (مِنْهُمَا) من مجموعهما الصادق بأحدهما وهو الملح (اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) (٢٢) خرز أحمر ، أو صغار اللؤلؤ (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٢٣) (وَلَهُ الْجَوارِ) السفن (الْمُنْشَآتُ) المحدثات (فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) (٢٤) كالجبال عظما وارتفاعا (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٢٥) (كُلُّ مَنْ عَلَيْها) أي الأرض من الحيوان (فانٍ) (٢٦) هالك ، وعبر بمن تغليبا
____________________________________
الكائن في طرف النار ، وقيل : اللهب المختلط بسواد. قوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي بأي نعم ربكما الناشئة عنه تكفران؟ قوله : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ) بالرفع في قراءة العامة على أنه خبر لمحذوف أي هو رب المشرقين ، وقرىء شذوذا بالجر على أنه بدل أو بيان لربكما. قوله : (كذلك) أي مغرب الشتاء ومغرب الصيف ، وأما آية (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) فباعتبار مشرق كل يوم ومغربه. قوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي بأي نعمة من هذه النعم العظيمة تكفران بها؟
قوله : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) المرج بفتحتين في الأصل الإهمال والترك أو الإرسال ، وبسكون الراء الأرض ذات النبات والمرعى ، يقال : مرج الدابة أي أرسلها ترعى في المرج. قوله : (يَلْتَقِيانِ) حال من البحرين ، أي يتماسان على وجه الأرض ، بلا فصل بينهما في رؤية العين. قوله : (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ) جملة مستأنفة أو حالية من البحرين. قوله : (لا يَبْغِيانِ) أي لا يتجاوز كل واحد منهما ما حده له خالقه ، فالماء العذب الداخل في الملح باق على حاله لم يمتزج بالملح ، فمتى حفرت في جنبي الملح في بعض الأماكن ، وجدت الماء العذب ، بل كلما قربت الحفرة من الملح ، كان الماء الخارج منها أحلى ، فخلطهما الله في رأي العين ، وحجزهما بقدرته تعالى ، وإذا كان هذا حال جماد ، لا إدراك له ولا عقل ، فكيف يبغي العقلاء بعضهم على بعض. قوله : (بالبناء للمفعول والفاعل) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (الصادق بأحدهما) هذا غير ظاهر ، لأن المجموع لا يصدق على البعض ، إلا إذا كان متعددا كقوله : كل رجل يحمل الصخرة العظيمة ، فالأولى أن يجعل الكلام على حذف مضاف أي من أحدهما ، وقيل لا تقدير في الآية ، بل يخرجان من الملح في الموضع الذي يقع فيه العذب ، وهو مشاهد عند الغواصين ، وقيل : العذب كالرجل ، والملح كالمرأة ، واللؤلؤ والمرجان يخرجان منهما ، كما يخرج الولد من الرجل والمرأة ، وقال ابن عباس : تكون هذه الأشياء في البحر بنزول المطر ، والصدف تفتح أفواهها للمطر.
قوله : (وَلَهُ الْجَوارِ) جمع جارية وهي السفينة ، صفة جرت مجرى الأسماء ، سميت بذلك لأن شأنها الجري. قوله : (الْمُنْشَآتُ) بفتح الشين اسم مفعول ، أي أنشأها الناس بسبب تعليم الله لهم ، وكسرها اسم فاعل أي تنشىء الريح بجريها ، أو تنشىء السير إقبالا وإدبارا ، ونسبة الإنشاء لها مجاز ، وهما قراءتان سبعيتان ، وقرىء شذوذا بتشديد الشين مع فتحها مبالغة. قوله : (أي الأرض) أي وعلى هذا التفسير فلا يستثنى شيء ، بخلاف قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) فيستثنى الجنة والنار والحور العين ؛ الولدان والعرش والأرواح. قوله : (هالك) أي بالفعل. قوله : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) الخطاب إما