تُكَذِّبانِ) (٣٦) (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ) انفرجت أبوابا لنزول الملائكة (فَكانَتْ وَرْدَةً) أي مثلها محمرّة (كَالدِّهانِ) (٣٧) كالأديم الأحمر على خلاف العهد بها ، وجواب إذا فما أعظم الهول (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٣٨) (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) (٣٩) عن ذنبه ، ويسألون في وقت آخر (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) والجان هنا وفيما سيأتي بمعنى الجن ، والإنس فيهما بمعنى الإنسي (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٤٠) (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ) أي سواد الوجوه وزرقة العيون (فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) (٤١) (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٤٢) أي تضم ناصية كل منهم إلى قدميه من خلف أو قدام ويلقى في النار ، ويقال لهم (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ) (٤٣) (يَطُوفُونَ) يسعون (بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ) ماء حار (آنٍ) (٤٤) شديد الحرارة يسقونه إذا استغاثوا من حر
____________________________________
قوله : (فَلا تَنْتَصِرانِ) أي لا تجدان لكما ناصرا ، واعلم أن هذا الأمر ، وهو سوق الجن والإنس بالنار إلى المحشر وازدحامهم ، حتى يكون على القدم ألف قدم ، ليس لعموم الجن والإنس ، بل ورد في أناس أنهم يخرجون من قبورهم لقصورهم ، لا يحزنهم الفزع الأكبر ، وكل واحد ممن حضر الموقف على قدر عمله ، فمنهم من يظل في ظل العرش ، ومنهم من يلجمه العرق ، ومنهم من يراه قصيرا ، ومنهم من يراه طويلا ، هذا هو التحقيق. قوله : (من ذلك) أي المذكور من الشواظ والنحاس. قوله : (بل يسوقكم) أي المذكور منهما. قوله : (لنزول الملائكة) أي لتحيط بالعالم من سائر جهات الأرض. قوله : (كَالدِّهانِ) إما خبر ثان أو نعت لوردة ، والدهان إما جمع دهن كرماح ورمح ، ويكون بمعنى قوله : (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) أي كدردي الزيت ، أو مفرد كحزام وإدام وهو الأديم الأحمر أي الجلد ، وقد مشى على الثاني المفسر. قوله : (على خلاف العهد بها) أي على خلاف لونها الذي نراه ونعهده وهو الزرقة فإنها عارضة ، قيل : بسبب جبل ق المحيط بها ، وأما لونها الأصلي فهو الحمرة.
قوله : (فَيَوْمَئِذٍ) التنوين عوض عن جملة ، أي فيوم إذا انشقت السماء. قوله : (وَلا جَانٌ) (عن ذنبه) أشار بذلك إلى أن الجار والمجرور محذوف من الثاني ، لدلالة الأول عليه. قوله : (ويسألون في وقت آخر) أشار بذلك لوجه الجمع بين ما هنا وبين الآية التي ذكرها ، وإيضاح الجمع أن يقال : إنهم حين يخرجون من القبور لا يسألون ، ويسألون حين يحشرون ويجتمعون في الموقف. قوله : (والجان هنا) الخ ، قد يقال : لا حاجة له ، لأن الجان والإنس كل منهما اسم جنس ، يفرق بينه وبين واحدة بالياء ، كزنج وزنجي. قوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما) أي نعمه العظيمة التي من جملتها الزجر عما يؤدي للعذاب. قوله : (أي سواد الوجوه وزرقة العيون) أي وأخذ الصحف من وراء الظهر باليسرى. قوله : (بِالنَّواصِي) جمع ناصية وهو نائب الفاعل. قوله : (من خلف) أي فحينئذ يكسر ظهره كما يكسر الحطب ، قال الضحاك : يجمع بين ناصيته وقدمه في سلسلة من وراء ظهره. قوله : (ويقال لهم) قدره إشارة إلى أن قوله : (هذِهِ جَهَنَّمُ) مفعول لقول محذوف.
قوله : (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) أي يترددون بينهما ، فحين يستغيثون من النار ، يسعى بهم إلى الحميم ، فيسقون منه ويصب فوق رؤوسهم ، فإذا استغاثوا منه يسعى بهم إلى النار ، وهكذا. قوله : (يسقونه) الخ ، أي ويغمسون فيه ، لما ورد عن كعب : إن واديا من أودية جهنم ، يجتمع فيه صديد أهل