الأمر والنهي يشتركان في كونهما للطلب غاية الأمر أنّ المتعلّق للطلب في الأوامر هو وجود الطبيعة وفي النواهي عدمها فاختلافهما إنّما يكون بحسب المتعلّق لا بحسب الحقيقة لكون كليهما بحسب الحقيقة من مقولة الطلب.
أورد عليهم سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد بأنّ مفاد النهي هو الزجر عن الفعل كما أنّ مفاد الأمر هو البعث نحو الفعل ، فالمتعلّق فيهما هو الفعل ، وطلب الترك ليس مساوقا لمعناه ، نعم طلب الترك لازم للزجر عن الفعل عقلا كما أنّ مبغوضيّة الترك في الأوامر لازم للبعث نحو الفعل ، وبالجملة فكما أنّ التحريك نحو الفعل بالذات تبعيد عن الترك والعدم بالعرض فكذلك في المقام يكون الزجر عن الفعل بالذات إبقاء للعدم وطلبا للترك بالعرض.
والمفاد المذكور في الأمر والنهي يتبع مقام الثبوت فإنّ متعلّق الكراهة النفسانيّة في النهي هو نفس الفعل كما أنّ متعلّق الإرادة في الأمر هو نفس الفعل ولازم كراهة الفعل هو إرادة إبقاء العدم على حاله.
ويشهد لما ذكره الاستاذ انسباق الزجر عن الفعل من معنى النهي ، ألا ترى أنّ لفظة (قدغن) في اللغة الفارسيّة أو الممنوعيّة في اللغة العربيّة تدلّ على ممنوعيّة الفعل لا مطلوبيّة الترك وإن كانت المطلوبيّة المذكورة لازما عقليّا لممنوعيّة الفعل ، كما أنّ كلمة (نزن) في الفارسيّة بمعنى المنع عن الضرب أي (زدن نه) لا طلب ترك الضرب ، وبالجملة فالبعث والزجر متبادران من صيغة (افعل) و (لا تفعل) ومناسبان للثبوت إذ الإرادة متعلّقة بالفعل في الأمر كما أنّ الكراهة متعلّقة به في النهي ، ومن المعلوم أنّ الإرادة والكراهة ليستا من دون جهة بل من ناحية اشتمال الفعل على المصلحة أو المفسدة ولا داعي لطلب الترك مع خلوّه عن المصلحة إلّا باعتبار اشتمال الفعل على المفسدة ، فالزجر عن الفعل حقيقة لاشتماله على المفسدة يلازم طلب تركه عرضا ، ولا مطلوبيّة للترك إلّا من جهة الابتعاد عن مفسدة الفعل.