وممّا ذكر يظهر أنّه لا فرق بين أنّ تكون صيغة النهي بنحو (لا تفعل) أو (أنهاك عن الفعل) نعم يمكن الفرق بينهما وبين (أريد منك الترك) أو (أترك) ولكنّه ليس إلّا من ناحية اللفظ إذ اللازم هو إرجاعهما إلى إنشاء الزجر عن الفعل لعدم مطلوبيّة الترك بنفسه لخلوّه عن المصلحة حقيقة فلا يصلح للطلب بخلاف الفعل فإنّه مشتمل على المفسدة ويصلح للكراهة والزجر عنه.
ولا وقع لما يقال من أنّه كما أنّ هناك كراهة للفعل فكذلك هناك إرادة ومحبوبيّة للترك ، ويشهد لذلك الأفعال المبغوضة بالبغض الشديد فإنّ تعلّق المحبوبيّة بتركها ظاهر واضح لا إنكار فيه كمحبوبيّة الصحّة التي هي في الحقيقة عدم المرض ونحو ذلك (١).
وذلك لأنّ الإرادة والمحبوبيّة بالنسبة الى الترك باعتبار اشتمال الفعل على المفسدة وكون الترك تبعيدا عن المفسدة لا باعتبار اشتمال الترك على المصلحة ، ولذا تكون الإرادة والمحبوبيّة عرضيّا ومجازيّا ، والنقض بالصحّة غير سديد لأنّ الصحّة والسقم أمران وجوديّان لا يجتمعان والصحّة هو التماميّة وهي وصف حقيقيّ قابل للمحبّة والإرادة وليست الصحّة عدم المرض ، نعم تكون الصحّة ملازمة لعدم المرض لأنّ وجود كلّ ضدّ ملازم لعدم ضدّ آخر ، هذا مضافا إلى ما في مناهج الوصول من أنّ تعلّق الطلب بالعدم ممتنع ثبوتا ومخالف للظاهر إثباتا ضرورة أنّ العدم ليس بشيء ولا يمكن أن يكون ذا مصلحة حتّى تتعلّق به إرادة واشتياق ولا بعث ولا تحريك ولا طلب.
وأمّا ما في تعليقة المحقّق الأصفهاني من أنّه يمكن أن يقال بلحاظ تركّب صيغة النهي من حرف النفي وأداة العدم وصيغة المضارع أنّ مفادها هو الإعدام التسبيبيّ
__________________
(١) منتقى الأصول : ج ٣ ص ٦.