لا بحسب المبدأ ولا بحسب المنتهى أمّا بحسب المبدأ فلأنّه لا مانع من قيام مصلحة ملزمة بالجامع بينهما وقيام مفسدة ملزمة بالمجموع منهما ضرورة أنّ المانع إنّما هو قيام كلتيهما في شيء واحد لا قيام إحداهما بشيء والأخرى بشيء آخر.
وأمّا بحسب المنتهى فلفرض أنّ المكلّف قادر على امتثال كلا التكليفين معا لأنّه إذا أتى بأحدهما وترك الآخر فامتثل كليهما بلا لا تنافي بينهما بناء على أن يكون الواجب هو كلّ واحد منهما بخصوصه غاية الأمر عند الإتيان بأحدهما يسقط الآخر لعدم منافاة بين قيام مصلحة في كلّ واحد منهما خاصّة بحيث مع استيفاء تلك المصلحة في ضمن الإتيان بأحدهما لا يمكن استيفاء الأخرى في ضمن الإتيان بالآخر وقيام مفسدة بالجمع بينهما في الخارج (١).
وفيه ما لا يخفى أوّلا لما مرّ في الوجوب التخييريّ من أنّه سنخ مستقلّ من الطلب وهو طلب واحد له قرنان أو ثلاثة قرون أو أربعة فصاعدا قد تعلّق كلّ قرن منه بفعل خاصّ فحاله حال الشكّ في التقوّم بطرفي الوجود والعدم بحيث يرتفع بارتفاع أحدهما والقول بتعلّق الخطاب بالجامع الانتزاعيّ كعنوان أحدهما أو أحدها وإن كان أمرا ممكنا ولكنّه خلاف ظاهر الخطابات الشرعيّة فإنّ إنشاء الوجوب فيها لم يتعلّق بعنوان أحدهما أو أحدها بل هو أمر انتزاعي ينتزعه العقل من تعلّق الوجوب بالأمور المتعدّدة مع جواز ترك كلّ واحد مع الإتيان بالآخر فدعوى تعلّق الوجوب في التخييريّ بالجامع كما ترى فالوجوب والحرمة التخييريّان متعلّقان بنفس الأمور لا بالجامع الانتزاعيّ منها.
وثانيا : أنّه لو سلّمنا تعلق الوجوب التخييريّ بالجامع وهو عنوان أحدهما أو أحد الأمور فلا نسلّم تعلّق الحرمة التخييريّة بالجمع لا بالجامع المذكور بمعنى الزجر
__________________
(١) المحاضرات : ج ٤ ص ١٨٦ ـ ١٨٨.